الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الثلاثاء، 6 يوليو 2010

"أهمية مشاركة المثقف الأيزيدي في المجال السياسي"

يدور الحديث بين الحين والأخرى حول عدم إمكانية المثقفين الأيزيديين العاملين تحت خيمة الأحزاب الكوردية بالشكل الفعال والمرضي، كذلك عن مشاركتهم الضعيفة وربما المعدومة في إيصال هموم الشارع الأيزيدي إلى الجهات العليا صاحبة القرار السياسي في الإقليم هذا بالإضافة إلى عدم قدراتهم المشاركة في القرار السياسي الذي هو من واجبهم طالما هم جزء منه لا بل إنهم غائبون عن مركز القرار بشكل ملحوظ لسبب أو لأخر حسب رأي بعض المهتمين والمراقبين بالشأن الأيزيدي وعلى اقل تقدير في تلك القرارات التي تتعلق بهم كمجتمع كما بتمثيلهم التاريخي وموقعهم الجغرافي ...
في الحقيقة إن ما جعلني اكتب حول هذا الموضوع هو العديد من الأسباب المهمة منها تلك التي أثارت انتباهي من خلال طبيعة عملي السياسي وحسب السياق العام وانسجام تعاملي مع غالبية المسؤولين السياسيين العاملين في السلك الحكومي والإداري وبأصناف عديدة كما في التنظيم الحزبي وعلى أعلى المستويات من المسؤولية وخاصة الذين انخرطوا في سياسة الحزبين الكبيرين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني في الإقليم ولكون الموضوع يتعلق بهذين الحزبين أريد الميل للتحدث أو الكتابة عن دور الكوادر والمثقفين الأيزيديين الذين مارسوا و ما زالوا يمارسون عملهم السياسي تحت مظلة هذه الأحزاب وفي أكثر من جانب وعلى الشكل التالي:
أولا / كيفية تعاملهم مع الواقع السياسي في المنطقة.
إن العمل مع الأحزاب أو التنظيمات السياسية في جميع أنحاء العالم هو عمل طوعي حر يأتي حسب رغبة الأفراد من خلال أفكارهم وميولهم السياسية كما الأشخاص الذين يرغبون العمل مع الواقع السياسي الذي يعيشونه محاولين من خلال عملهم تقوية وتفعيل ميادين عمل تلك التنظيمات أو الأحزاب المنتمين إليها في مجال نشاطها السياسي.
لكن أقولها وبكل أسف لا توجد هذه السمات أو الصفات السياسية بين أفراد مجتمعنا الأيزيدي لسبب معين وهو عدم قدرتهم استيعاب المعنى الحقيقي أو مضمون منهجية وسلوك تلك التنظيمات من حيث المبدأ وتجاهل الآلية المعمول بها في الأروقة السياسية إضافة إلى ضعف تملكهم الشجاعة الأدبية الكافية لمواجهة الصعوبات أثناء تأدية واجباتهم في الوقت المناسب كغيرهم من الساسة وهذا ما أدى إلى تراجع وتدني مستوى المسؤولية لدى بعض المثقفين الأيزيديين كما قلل من حجم الثقة الممنوحة إليهم والتي كانت تفرض أن يكونوا هم أهلا لها أكثر من غيرهم من المثقفين والسياسيين.
ثانيا / إمكانية تحملهم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
إن من يملك الرغبة للوصول إلى أهدافه المرجوة يجب عليه إن يرسم لنفسه خطة محمية بأفكار سليمة ومبنية على أسس محكمة وأرضية ملائمة خالية من الصعوبات، كما يجب عليه إن يضع جميع الاحتمالات نصب أعينه طالما يرغب بالانخراط في العملية السياسية ويحاول الاستفادة من الفرص المناسبة لإيجاد أفضل الطرق ليكون قادرا على إرضاء مجتمعه وأن يتحمل المسؤولية الأخلاقية تجاه جميع القضايا التي يعاني منها هذا المجتمع بعيدا عن التمسك برغباته الشخصية وتملك حب الظهور الذي هو مشكلة أغلبية المسؤولين في المجتمعات الشرقية والذي يعاني منه المثقفون الأيزيديون أيضا كونهم يمثلون شريحة مهمة في المجتمع الكوردستاني والاهم من كل هذا عليهم إن يكونوا جريئين في مواقفهم وأن لا يكونوا منصاعين لأوامر من هم دون المستوى منهم وكل هذا يجب أن يكون وفق الأسس والمعايير المعمول بها ضمن تلك التنظيمات التي يعمل معها ويدافع من اجلها.
ثالثا / طريقة انخراطهم في المجتمع وماهية الوسائل.
في الماضي القريب كان الانخراط في الحياة السياسية في مجتمعنا أمرا مشرفا من حيث الحس القومي لدى كل شخص وطني بل كان يتمنى أن يشارك هموم مجتمعه في أصعب الأوقات شدة وضراوة وكانت المشاركة للبعض الأخر عمل اضطراري عليه حماية نفسه من خطورة الأذى على روحه من قبل السلطات الحاكمة في حينها ولهذا كان يلتحق بطرف سياسي لحماية نفسه وجعل حياته في أمان ويستقر مع جهة سياسية معينة وخاصة مع الأحزاب الكوردية آنذاك وفي هذه الأثناء وبحكم علاقة الشخص بالجهة أو التنظيم الذي يعمل لصالحه عليه الانخراط ومشاركة مجتمعه الهموم ويستمع آرائه في جميع الجوانب سياسة كانت أو ثقافية واجتماعية كي يتمكن من مواصلة مسيرته بتفاني وإخلاص و خوض نضاله بنجاح إضافة إلى جدية مشاركته في المحافل الرسمية لهذه الشريحة وفعالية التركيز في توفير الثقة داخل نفسه لأن الوضع العام في المنطقة يحتاج إلى الكثير من الحذر والتنبيه خاصة في المسائل المصيرية التي تتعلق بأي مجتمع كان كما هو حال مجتمعنا...
هنا يأتي دور المثقفين الأيزيديين داخل المجتمع الكوردستاني حيث إن البعض منهم يعملون ضمن التنظيمات السياسية على أساس الخوف وعدم الثقة بالنفس لذا يتعاملون مع الواقع بعفوية وعلى حساب الآخرين داخل حزبهم وحين تظهر العيوب في مواقفهم السلبية التي يواجهونها بين أفراد مجتمعهم في كل خطوة فاشلة يخطونها في عملهم وبدلا أن يتراجعوا عن ذلك الموقف الذي يسلكونه من غير وعي وإدراك يجلبون الأعذار والمبررات لحفظ ماء وجوههم وحينها يطبق عليهم المثل الذي يقول (العذر أقبح من الذنب)...
بينما هنالك العديد من الكوادر السياسية والثقافية في مجتمعنا الأيزيدي لديهم القدرة الكافية على تحمل جميع المسؤوليات بأفضل شكل وأداء واجباتهم بأحسن صورة لأنهم لا يخشون شيئا إلا الحقيقة في تعاملهم مع أفراد مجتمعهم وان ظهور تفوقهم هو سر نجاح عملهم داخل تنظيماتهم من غير الاعتماد على كفاءات غيرهم من الكوادر الأخرى وليس على حساب العلاقات الشخصية والمحسوبية المخجلة، بل لديهم القدرة الكافية لقيادة مجتمعهم إلى بر الأمان في كل الأوقات وفي جميع المحافل.
لذا نقول يجب على جميع الكوادر من أبناء مجتمعنا الأيزيدي سياسيين كانوا أم مثقفين إن يكونوا متواضعين في صيغة تعاملهم مع بني جلدتهم ليكونوا قادرين على تحمل المسؤولية في كل تصرفاتهم أثناء قيادتهم المهمات الصعبة لكي تلتف الجماهير حولهم ولكي يستطيعوا مشاركة الآخرين باتخاذ القرارات التي تخصهم كشريحة وليكون صوتهم مسموعا وكلامهم ذات قيمة لدى قياداتهم أيضا ولسد الباب على المغرضين أصحاب الرؤية القصيرة.
إدريس زوزاني
ألمانيا/ 06/07/2010