الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الأحد، 22 ديسمبر 2013

"أعياد الأيزيدية وتسمياتها الحقيقية"

إذا ما أمعنا النظر في تاريخ المجتمع الأيزيدي نجد انه غني بفلسفته الفكرية وتراثه الاجتماعي وثقافته الدينية وله العديد من المناسبات والأعياد الدينية التي لها تأثيرها الايجابي على نفسية وسلوك غالبية أفراده، لكن رغم جميع المشاكل الاجتماعية الذي عانى منها الفرد الأيزيدي في الماضي وكذلك الأوضاع السياسية المريرة الذي واجهته على مر السنين لا يزال يمتلك إرادة قوية تصارع كافة الصعوبات ولم تؤثر تلك المشاكل على قيمه الاجتماعية وإيمانه المطلق بثوابته الدينية المقدسة بل يضاعف قوة إرادته أكثر كلما اشتدت عليه حدة الظلم والاستبداد ويزداد تمسكه بتأدية مراسيمه الاجتماعية وممارسة طقوسه الدينية...
يجب أن يذكر أثناء الحديث عن ثقافة الشعوب والأديان عراقة معتقداتها وأهمية تراثها من اجل القدرة عن التعبير بخصوصياتها وكيفية الاحتفاظ بمورثها الاجتماعي الذي يعتبر موضع فخر لأجيالها طوال تاريخيهم، كما هو الحال مع المجتمع الأيزيدي الذي استطاع الاحتفاظ بمورثه التاريخي قدر الإمكان وفي أصعب والظروف والأوقات، وهنا تقع مسؤولية الاحتفاظ به على عاتق الأجيال القادمة ومحاولة عدم المساس بقواعدها الثابتة من اجل بقاء أصالتها وتاريخ عراقتها...
الديانة الأيزيدية من الديانات القديمة الموجودة في المنطقة لها خصوصيتها من حيث العقيدة، كونها ديانة غير تبشيرية ومحافظة على جميع معتقداتها المتوارثة من الأجداد بشكل أو بأخر وبالرغم من عدم امتلاكها الوثائق الرسمية المدونة لعقيدتها في الوقت الحاضر أو بالأحرى قد تم إتلافها واختفائها في فترة ما من الزمن ولأسباب معروفة، إلا أن أبنائها استطاعوا الاحتفاظ بالكثير من المورث التاريخي المهم والذي يتعلق بعراقة ديانتهم وأصالة قوميتهم من خلال حفظ مضمونها في عمق صدورهم وإيصالها لأجيالهم...
إنما يسر خاطر المرء عندما يعلم بان هؤلاء الأناس البسطاء الذين تمكنوا في تلك الأيام العصيبة والظروف القاسية من مقاومة الظلم والاستبداد جراء الحملات الشرسة التي تعرضوا لها آنذاك من اجل الحفاظ على عقيدتهم، بالإضافة لإصرارهم المطلق بالتمسك بعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية وإيمانهم بمبادئهم المقدسة من اجل توصيل الأمانة التاريخية لمعتقدهم إلى الموقع المناسب حسب المقاييس الأخلاقية التي تلتزم بها بقية الشعوب...
هناك الكثير حول ما جرى من الظلم على هذه الشريحة من المجتمع عبر تاريخهم ولا يستطيع المرء ذكرها جميعا من خلال كتابة موضع أو مقال وحيد إلا انه على المرء الإشارة والتوقف على بعض نقاط الخلاف الذي يراها قابلة للنقاش خاصة حول ما يكتب عن هذا المعتقد ومحاولة تصحيح مسار بعض الأمور التي تفسر بشكل خاطئ من قبل بعض المهتمين بالشؤون الاجتماعية وإيجاد الطرق المناسبة لتوحيدها على اقل التقدير...
وبما أن موضوعنا هذا يدور حول تسمية الأعياد والمناسبات التي تخص المجتمع الأيزيدي هنا لابد من الوقوف على حقيقة مسمياتها والتحريف الذي يحصل من قبل بعض مثقفينا أثناء الكتابة حولها والخروج عن مضمونها الحقيقي الذي تعتبر إجحافا بحق مجتمعهم، لذا على كافة المثقفين والمهتمين بالشأن الأيزيدي والجهات المسؤولة والمعنية التركيز على هذه النقطة من اجل إيجاد حلول جذرية وملائمة لمثل هذه المواضيع كي تكون نموذجا لمواضيع أخرى بحاجة إلى الحلول والتباحث في شأنها...
فكثيرا ما نلاحظ أن بعضهم يكتب أسماء الأعياد بعناوين مخالفة وغير مطابقة مع ما يكتبه الآخرين حولها علما بان تسميتها الحقيقية معروفة لدى المجتمع الأيزيدي ومثبتة تاريخيا ولا ارغب بالإشارة إلى جميع ما كتب عنها بل اكتفي بالأسماء الحقيقية والمثبتة رسميا لبعض منها.
تسمية بعض الأعياد والمناسبات الرسمية للمجتمع الأيزيدي:
1.     عيد الصوم: يحيى المجتمع الأيزيدي هذه المناسبة في أواسط شهر كانون الأول من كل عام بعد أن يصوم ثلاثة أيام متتالية لله تعالى قبل العيد ثم يحتفل اليوم الرابع ويسمى هذا العيد بعيد صيام أيزيد ويعتبر أيزيد احد أسماء الله الحسنى لدى هذا المجتمع وتعني(الخالق) لهذا يسمون المناسبة المذكورة بهذه التسمية أما التسميات الأخرى لهذا العيد يعتبر أسماء غير رسمية وتدرج ضمن الاجتهادات الشخصية وباعتقادي يعد انحرافا عن الحقيقة التاريخية لهذا المجتمع.
2.     عيد رأس السنة: أحيى المجتمع الأيزيدي هذه المناسبة التاريخية التي تعتبر من أهم الأعياد التي تصادف يوم الأربعاء الأول من شهر نيسان حسب التقويم الشرقي من كل عام ويعتبر المجتمع الأيزيدي هذا اليوم هو يوم الخليقة أي يوم تكوين الأرض حيث يبدأ فصل الربيع وتزداد الأرض جمالا بطبيعته الخلابة وتزهوا معه البشرية بالأعياد والمناسبات ومن ضمنها هذه المناسبة المباركة أيضا، غالبا ما يكون لهذا العيد مسميات أخرى كعيد الأربعاء الأحمر وغيرها من الأسماء إلا انه الاسم الحقيقي هو عيد رأس السنة.
3.     عيد الجماعية (الجما): يحتفل المجتمع الأيزيدي سبعة أيام متتالية بهذه المناسبة وعلى الأغلب يحيونها في معبد لالش وتعتبر من اكبر الأعياد لديهم يبدأ في بداية شهر تشرين الأول من كل عام حيث موسم الشتاء ويعتبرونها زيارة الحج ليتوافد الأيزيدييون من كافة أرجاء العالم إلى معبد لالش وتجري في هذه المناسبة الكثير من المراسيم الدينية الذي تتعلق بمعتقد هذه الديانة من قبل رجال الدين والمجلس الروحاني الأيزيدي ولهذا العيد مسميات أخرى أي (عيد صفر الألبان ـ عيد الحجاج ) وغيرها من التسميات إلا إنها لا تعتبر أسماء رسمية.
4.     عيد المربعانية: يحيى المجتمع الأيزيدي هذه المناسبة في مطلع شهر آب من كل عام وتقع هذه المناسبة في فصل الصيف ويتم إشعال الفتائل في المعبد من قبل رجال الدين وتجري مراسيم رقص (السما) في معبد لالش وهي رقصة دينية خاصة تقام من قبل رجال الدين عشية العيد وفيه ايضا يقوم رجال الدين الأيزيديين بالصيام أربعون يوما لوجه الله في هذه المناسبة ثم يجتمعون في معبد لالش للإفطار سوية وأحياء العيد مع بعضهم هناك أي أن هذه المناسبة تتعلق بالشؤون الدينية والمجلس الروحاني أكثر من ما هي اجتماعية تكون.
كما يمتلك المجتمع الأيزيدي العديد من الأعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية الأخرى يحتفل بها طوال أشهر السنة ولكل منها معانيها وخصوصيتها حسب ميثولوجيا هذه الديانة وهنا أود الإشارة إلى أسماء بعضها بشكل مختصر دون الدخول إلى تفاصيلها وهي كل من ( عيد مربعانية الشتاء ـ عيد خدر الياس ـ عيد الأضحى ـ عيد بيلندا) وغيرها من المناسبات والأعياد...
لهذا أرجو من كافة المهتمين والمثقفين الأيزيديين أن يتحدوا في كلمتهم أثناء الكتابة في مثل هذه المواضيع ولا أن يكتب كل كاتب حسب رويته الشخصية على المناسبات والأعياد أو يضع لها تسمية يختارها لنفسه بل الاستناد على قرارات المجلس الروحاني الأيزيدي وكما مثبت لدى الدوائر الرسمية في البلد.
إدريس زوزاني
دهوك/ 22/12/2013