الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الاثنين، 27 ديسمبر 2010

"أهمية ودور السياسيين في بناء الدولة"

يحدث خلف كواليس الساحة السياسة الكثير من الغموض إضافة إلى العديد من الشبهات الخطيرة والتي من الممكن أن تؤدي إلى حدوث خلافات بين الأطراف المتصارعة وتفقد بالتالي لغة الحوار البناء فيما بينهم، وكما يظهر انعدام عنصر الثقة خاصة عندما يصر كل طرف على موقفه الجامد من المطالب السياسية حينها تبدأ المساومة على الصفقات والتوجيهات الحزبية الضيقة من اجل الحفاظ على مصداقية القرارات التي سوف تتخذ وعلى الأغلب تلك القرارات لا تصب في مصلحة المجتمع وسوف تعقد الكثير من الأمور في البلد..
قد تؤدي كثرة هذه التعقيدات والتحديات في أروقة السياسة إلى حرج الأنظمة الحاكمة، وتضع ساستها في مواقف محرجة جراء سوء تصرفاتهم نتيجة الغرور الذي يصيبهم في اغلب الأحيان، وهذا قد يخلق أجواء من التوتر داخل أنفسهم ويؤدي ذلك إلى تدهور عملية النهوض والتطور الاجتماعي التي سوف تؤثر سلبا على مسيرة البناء والتقدم الحضاري نحو مستقبل مشرق..
هذا وكما يوجد أيضا في أروقتها الكثير من الفرص الثمينة بأمكان تلك الأنظمة استغلالها والاستفادة منها عندما تحاول بجدية في تغيير الوضع وحل التعقيدات والتحديات بالتفاهم والحوار، وحين تحاول أن تكلل الفرص بالنجاح أثناء التعامل مع الواقع السياسي بالشكل الصحيح من حيث استخدام الطرق السليمة لمعالجة القضايا الشائكة والوسائل الدبلوماسية لحل الأزمات والمحن..
بالرغم من أن ميادين السياسة تشهد الكثير من الكوارث والانتكاسات الكبيرة والتي تكون نتائجها مدمرة، لذا يجب أن تتدارك هذه الأنظمة حجم وخطورة تلك الكوارث، وإيجاد حلول سريعة ومناسبة لها، أو طرق بديلة للتخلص من مخلفاتها، وبعكسها سوف يشعر الجميع بخيبة أمل جراء نتيجة عواقبها الوخيمة، ولن يكون حينها للمحاولات أي جدوى أو نفع ولا للفرص فائدة..
كما إن للعملية السياسية رجال عظماء لهم أدوار مشرفة في ساحاتها يتمتعون بقيم ومبادئ وطنية وقومية مميزة، يناضلون من اجل سلامة وضمان مستقبل شعوبهم والحفاظ على مكتسبات مجتمعهم بجد وإخلاص، والاهتمام بمواصلة مسيرة البناء الاجتماعي إلى الأمام، ومن هذا المنطلق لابد أن تتعامل الأنظمة السياسية مع بلدانها وشعوبها، كما هو الحال في بلدنا العراق..
هنا أريد الإشارة إلى مبادرتين مهمتين ودورهما الايجابي في منطقة الشرق الأوسط.
الأولى: مبادرة الرئيس مسعود البارزاني التاريخية، والتي تعتبر من أهم وابرز المحاولات التي أدت إلى إنقاذ العراق من أزمة سياسية خطيرة كادت إن تجر البلد إلى حافة الهاوية، لكن بفضل تلك المبادرة الجريئة استطاع الفرقاء السياسيين العراقيين أن يجتمعوا على طاولة المفاوضات تحت رعايته الكريمة ومن خلالها تم الاتفاق والتقارب في وجهات النظر بعد أن دام غياب تشكيل الحكومة لأكثر من سبعة اشهر متتالية، بعد إجراء عملية الانتخابات النيابية التي جرت في البلاد، وشهد المبادرة نجاحا كبيرا قل نظيره وحظيت بتأييد واسع على المستوى الداخلي كما لاقت ترحيبا كبيرا من قبل العالم الخارجي..
الثانية: مبادرة يوفال رابين ابن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ( اسحق رابين ) حين قام بمبادرة سياسية للتسوية كرد للمبادرة العربية للسلام، وتأتي مبادرته من اجل وضع حد للصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين على حد تعبيره وإقامة دولة فلسطينية على أساس حدود الرابع من حزيران في عام 1967 ومبادلة الأراضي على أساس واحد مقابل واحد، كما تنص المبادرة على نيل الاعتراف في هوية الدولتين الوطنيتين، والاعتراف بالقدس عاصمة للدولتين وهذا ضمن نتيجة مفاوضات بين الجانبين ومن غير شروط مسبقة حسب ما جاء في مبادرته، لكن بسبب المشاكل الداخلية في كلا الجانبين لم يرى المبادرة النور لهذه اللحظة..
هذه المبادرات المذكورة هي خير دليل على وجود سياسيين أقوياء قادرين على حل ألازمات في منطقة الشرق الأوسط، وعلى هذا الأساس يجب أن يتعامل السياسي الحقيقي مع القضايا الوطنية المهمة، لأنه صاحب القسم الأكبر من تحمل المسؤولية..
هناك جملة من العوامل تجعل الإنسان إن يذكر مثل هذه المواقف التي سوف يكتبها التاريخ على ورق من ذهب.

إدريس زوزاني
ألمانيا 27.12.2010

الأحد، 19 ديسمبر 2010

"تاثير الأنانية على شخصية الإنسان"

لكل إنسان طبيعة خاصة وصفات مميزة ومعروفة، ليس من السهل تفاديها أو الاستغناء عنها مهما تغيرت الظروف وظواهر الحياة ..
ومن أهم تلك السمات والخصائص هي الكرم والشهامة والشجاعة والجرأة وقوة الشخصية، هذه تعتبر من الصفات الراقية التي يتمتع الشخص بها بين أفراد المجتمع...
لكن العبرة في ذاتية الإنسان إذا كان أناني الطبع وضعيف النفس وذو مواقف متأرجحة وهذه الصفات لها تأثير كبير على شخصيته مهما كانت مكانته مرموقة ومرتبته عالية بين الناس...
أن مفهوم الأنانية بحد ذاته، آفة خطيرة تصيب الضعفاء ذوي النفوس الدنيئة الذين لا يفكرون إلا بأنفسهم، وهدفهم هو فعل المستحيل من اجل منفعتهم الخاصة ومصلحتهم الشخصية، إن هذه الصفات المذكورة حسب تقديري الشخصي هي نتيجة الغيرة العمياء التي يحملها الإنسان بداخله تجاه الآخرين وأغلب الظن يملك الشخص صفة الأنانية منذ طفولته وتمر في جميع مراحل حياته، وغالبا ما يكون سببها الأساسي هو سوء المعاملة وأسلوب التربية القاسية من قبل أفراد الأسرة معه، وهذا الأمر يؤدي إلى زيادة الحقد في نفسيته وتتطور الحالة لديه إلى حب التملك وتسيطر على مشاعره الإنسانية تجاه الآخرين...
هنا أود الإشارة في موضوعنا هذا إلى إنني بصدد الصفة الأنانية الشخصية التي تصيب الإنسان بشكل عام وتجعله مستغلا مشاعر الآخرين وسلب حقوقهم في جميع مجالات الحياة ولا ينحصر الموضوع في مجال محدود كما لا يشمل فئة أو شخص معين...
لكي لا أطيل في هذا الأمر، ولكون هذه الظاهرة موجودة داخل جميع المجتمعات والشعوب مهما كانت متحضرة ومتقدمة إلا إنها لا تخلو من هذه النماذج المارقة، كما هو الحال في مجتمعنا الكوردي ومن ضمنه المكون الأيزيدي حيث يوجد هنالك من يحمل مثل هذه الصفات السيئة بداخله والذي لا يمتلك الجرأة المطلوبة كي يصبح شخصا نافعا يواجه الحياة بكل ما تحمل من القيم الإنسانية، بل على عكس ذلك تماما حيث يملك شخصية ضعيفة مليئة بالحقد والأنانية بالإضافة إلى الشعور بالعجز الذاتي أثناء مقارنة نفسه مع الآخرين بقدراتهم وإمكانياتهم هذا من جهة، واثبات فشله نتيجة أفكاره المريضة من جهة أخرى، لذا يحاول بشتى الطرق والوسائل الوصول إلى تحقيق أهدافه المعنية بغض النظر عن نتيجة أضرار أفعاله الواطئة حتى لو كان ذلك على حساب غيره..
إن مثل هذه الأساليب الرخيصة التي يستخدمها هؤلاء الأشخاص تكشف حقيقة أمرهم المفضوح بين أفراد المجتمع كما تبين نوايا دورهم التخريبي في الكثير من الأمور المهمة التي تؤثر سلبا على المصلحة العامة، وان دل هذا على شيء إنما يدل على حقيقة جهلهم لان مثل هذه الأمور تعتبر عبثا بحقوق الآخرين وعجزا في الاعتماد على أنفسهم من اجل تكوين شخصية متزنة ومستقلة...
هذا ويفترض على هؤلاء الأشخاص مراجعة أنفسهم وتصرفاتهم وتجنب الأخطاء التي يقترفونها جراء أنانيتهم، والابتعاد عن سمات قد تؤثر على شخصيتهم سلبا منها:
الغيرة، وسلب حقوق الآخرين ومراعاة شعورهم والتركيز على استقلالية شخصيتهم والاعتماد على الميزات الايجابية فيها وجعل مسيرة الحياة تأخذ مجراها الطبيعي، وما أروع الإنسان حين أن يعيش حرا كريما.
إدريس زوزاني
ألمانيا 19.12.2010