الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الثلاثاء، 14 يونيو 2011

"المجتمع الأيزيدي والاصلاح الفكري والثقافي"

في الآونة الأخيرة استبشر شعوب منطقة الشرق الأوسط خيرا بقيام الثورات الإصلاحية في مجتمعاتها من قبل الطبقة المثقفة ضد سياسات الأنظمة القمعية، رافعين شعار المطالبة بالحرية والعيش بكرامة والتحرر من الظلم والطغيان التي لحقت بهم من قبل حكومات بلدانهم الديكتاتورية، لذا سارعت هذه الشعوب إلى مد يد العون ومساندة المواقف الجريئة من قبل هؤلاء المثقفين لكي يتخلص المجتمع من سيطرة وجبروت تلك الأنظمة ويحل محلها أنظمة أخرى تحترم آراء الشعوب وتعمل جاهدا من اجل توفير الخدمات الاجتماعية اللازمة وتحسين الوضع ألمعاشي من خلال نظام حكم ديمقراطي مبني على أساس متين يؤمن ويحترم حقوق المواطن والدفاع عن كرامته، على هذا الأساس يكون النجاح مصير تلك الثورات الهادفة إلى الإصلاح من اجل بناء المجتمع.
*- طريقة التعامل مع الإصلاح الفكري.
هناك طرق عدة أمام الطبقة المثقفة في المجتمع لبيان مدى جديتها في التعامل مع المسائل المصيرية من اجل الإصلاح، منها المطالبة بتحسين الوضع الاجتماعي وكيفية إصلاح النهج الفكري وطريقة إظهار مكمن الخطأ ومحاولة معالجته ومحاربة الجهل والتخلف داخل المجتمع هذه الأمور جميعها مطلوبة ويجب إن تكون ضمن الأولويات لأنها تمثل نشاطات الطبقة المثقفة في جميع المجتمعات، لذا يجب على كل شخصية أو مؤسسة ثقافية مراعاة تلك النقاط في حال رغبتها بأحداث التغيير والإصلاح الفعلي في المجتمع ليكون عملهم بمثابة ثورة حقيقية يفخرون بنتائجها.
*- ثورة المثقفين الأيزيديين.
من خلال متابعة الأخبار وما يجري من أحداث منذ مدة طويلة واطلاع على قسم من الأمور التي تخص المجتمع الأيزيدي أحاول طرح بعض الأفكار التي تتعلق بالمجتمع الكوردي بشكل عام والأيزيدية بشكل خاص....
أن من يتابع قسم من مثقفي أبناء مجتمعنا الأيزيدي وطريقة تعاملهم مع واقعهم نلاحظ بأنها بعيدة كل البعد عن حقيقة ثقافة هذا المجتمع كما أنها لا تمد للإصلاح الاجتماعي والثقافي بأي صلة تذكر بل تأخذ الأمور منحا أخر وهو الرهان على الحصان الخاسر وتجاوز بعضهم على بعض للتقليل من شأنه من خلال الأفكار المريضة والنهج الأناني الذي يتبعونه والذي لا يخدم إلا لمصلحتهم الشخصية الضيقة وهذه المهاترات أصبح هدف بعض المثقفين في الكثير من الأحيان ...
باعتقادي إن ما يجري من التوترات والمشاكل وخلق الفتنة بين الطبقة المثقفة والتي لا تخدم المجتمع هي محاولة من بعض الجهات في الوسط الأيزيدي لها حسابات قديمة مع جهات أخرى يدفع بعض المثقفين إلى إثارة هذه المشاحنات الثقافية لغرض الاستفادة من نتائج مخلفات تلك المواجهات.
*- التعامل مع الإعلام.
الإعلام وسيلة فكرية ذات أبعاد علمية مهمة تستفاد من ثقافتها الشعوب المتحضرة في الكثير من جوانب الحياة، لذا يجب على من يمارس هذا العمل أن يكون مؤهلا ويدرك حجم وأهمية ودور هذه الوسيلة في تقدم المجتمعات وإيصال أفضل الخدمات لهم من خلال مزاولة العمل الحر والنزيه في أداء الخدمة...
أن واجب الإعلامي الحقيقي هو الصدق في الأداء والأمانة في نقل الخبر والبحث بشكل موثوق على أسباب وتفاصيل مصادر الخبر والكتابة عن الموضوع بشكل واضح وسليم وبأدلة دامغة ودقيقة، وفي حال لاقى الأمر الإهمال من قبل تلك الجهات، حينها جميع الخيارات مطروحة وكافة الأبواب مفتوحة أمام النقد البناء ولا تتمكن أية جهة من الوقوف في طريق إظهار الحقيقية، هذا بالإضافة إلى الدعم والمساندة الذي سوف يلاقيه الإعلامي من المجتمع لمصداقية عمله والمزيد من الاحترام لقلمه...
إن من يعمل في هذا المجال عليه أن لا يخشى النقد من أية جهة كانت ولا يتردد في قول الحقيقة وإظهارها أثناء أداء عمله، وأن يتجاهل ما يحدث في الخفاء وما يحدث وراء الكواليس ويعتبرها خارجا عن نطاق العمل الإعلامي...
*- الوعي الثقافي لدى الإعلامي.
هناك أواسط ثقافية باعتقادهم أن المواجهات والمهاترات في مجال العمل الصحفي والإعلامي أو أثناء الكتابة، يدل على كثرة الوعي أو الذكاء الثقافي لديهم أو أنها تزيد في احترامهم أو مكانتهم الشخصية، لكن على العكس من ذلك هذه الأوصاف تفقدهم الكثير من المصداقية في مجال عملهم وتنتقص من مكانتهم كما عليه إن لا يتجاهل الواقع الاجتماعي القاسي...
يوجد هناك شيئان مهمان في هذا المجال على المثقفين مراعاته:
الأولى: مراعاة حقوق الآخرين وعدم المساس بكرامتهم أو جرح مشاعرهم مهما كانت مكانتهم أو صفاتهم الاجتماعية والعلمية إعلاميا.
الثانية: احترام ممارسة المهنة في مجال العمل الإعلامي الذي يخدم المجتمع، والجدية في أداء الواجب من خلال مزاولة العمل سواء كان من قبل الأشخاص أو المؤسسات الثقافي وفي كلا الحالتين يجب التقييد بثوابت وقوانين الإعلام والاعتماد على الوعي الثقافي لمواجهة المواقف والأحداث.
*- الإصلاح الفكري وأسبابه.
كما هو معلوم بان المجتمع الأيزيدي عانى الكثير من الظلم والاضطهاد في المراحل الماضية من حياته وجراء ذلك افتقر للكثير من الأمور المهمة والضرورية منها الثقة بالنفس والشعور بالمسؤولية والاعتماد على إمكانياته وغيرها من الأمور ذات الأهمية....
في هذه الحالة يجب إن يلعب الإعلام دوره المميز وأن يكون احد العناصر الفعالة لمحاربة تلك الجوانب السيئة من خلاله وإعطاء فرصة اكبر لإفراد المجتمع للتخلص من تلك الظواهر الخطيرة لمحاولة استعادة ما افتقده أو حرم منه من العلم والمعرفة والثقافة في المراحل الماضية، فقط في هذه الحالة بإمكان المجتمع إن يعتبر ما تقوم به الطبقة المثقفة ثورة حقيقية ومحاربة فعلية للظلم والتخلف.
*- معالجة الأخطاء الإعلامية.
هناك عدة طرق لمعالجة الأخطاء الذي يرتكبها البعض بحق مجتمعهم جراء استغلالهم مشاعر الآخرين وممارسة العمل الإعلامي بالطرق الخاطئة والغير سليمة ومن أهم هذه الطرق وهي:
1.     الابتعاد عن الأنانية أثناء مزاولة العمل المهني.
2.     عدم الاتكال على الآخرين في نقل الحدث والاعتماد على المهارات الشخصية.
3.     تجنب الحساسية الشخصية أثناء نقل الخبر.
4.     مواجهة الأخطاء عن طريق الإصلاح الفكري بعيدا عن التوترات.
5.     الابتعاد عن نقل الإشاعة وإثارة الفوضى أثناء ممارسة العمل الإعلامي.
هذا إذا ما أردنا أن نحمي مجتمعنا الأيزيدي من موجات الأحداث الخطيرة التي تجري في المنطقة وان نعمل من اجل تثبيت حقوقنا والمطالبة بالمزيد من الأمن والاستقرار عن طريق رص الصفوف وتوحيد المواقف بالأسلوب الذي يخدم المجتمع، وأن يصغي الجميع إلى روح التسامح والرجوع إلى حكم العقل في تحركاتهم ونوعية عملهم.
هنا أود الإشارة إلى إنني أتحدث عن عمل الطبقة المثقفة للمجتمع الأيزيدي في مجال الأعلام بشكل عام وليس القصد من ورائها جهات أو شخصيات معينة.
إدريس زوزاني
ألمانيا/ 14/06/2011