الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

"البارزاني ضامن حقوق الاقليات في كوردستان"


يعتبر المكون الأيزيدي من الشرائح المسالمة بين اطياف المجتمع الكوردستاني الجميل، ويمر اليوم في ظروف قاسية جراء شراسة وعنفوان الأحداث الدامية التي تجري في المنطقة، ولكي يتمكن الحفاظ على استقراره عليه الاعتماد على قدرات وإمكانيات قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الذي يدير الشؤون الإدارية في مناطقهم والمسؤول عن حماية مستقبلهم، كما على سياسة الرئيس مسعود البارزاني الذي يؤكد دوما حرصه على أصالة قوميتهم وعراقة تاريخهم، وذلك لضمان حقوقهم الشخصية والحفاظ على معتقداتهم الدينية خشية عليها من محاولات التنظيمات العنصرية المتطرفة، التي انتشرت بشكل كبير في المنطقة بأكملها في الوقت الراهن...
كما لكونهم ينتمون الى القومية الكوردية، وقد يكون هذا سببا لتعرضهم الى المشاكل مع المجاميع لمتطرفة المنضوية لبقية القوميات التي تجاورهم في المناطق الحدودية المحاذية لهم، بالإضافة الى أن غالبية المناطق التي تسكنها ابناء هذه الشريحة تقع ضمن الحدود الإدارية لحكومة إقليم كوردستان، ولاسيما تشهد المنطقة حاليا بروز صراعات طائفية، ومعها ظهرت المجاميع المسلحة التي تقتل الابرياء على الهوية الدينية والانتماءات العرقية، ولتتصاعد معها موجة التهديدات الإرهابية على الاقليات وتزايد المخاوف من الكوارث الكبيرة من قبل تلك الحركات الاصولية السياسية التي تفرض هيمنتها علي الواقع والحياة الأمنة وتهدد وجود الأقليات التي تطالب العيش بحرية وكرامة في المنطقة...
إن المجتمع الأيزيدي هو احد أهم المكونات الرئيسية الموجودة على أرض كوردستان، ويعتبر الديانة الأيزيدية من أقدم الديانات الأزلية الموجودة في المنطقة، وتؤمن معتنقيه بتناسخ الارواح ووحدانية الرب، لغتهم الرسمية هي اللغة الكوردية باعتبارهم منبع وأصالة القومية الكوردية وتظهر ذلك من خلال صلواتهم وأدعيتهم الدينية وممارسة طقوسها بهذه اللغة العريقة، وكما يتمتع أبناء هذه الشريحة بالعادات والتقاليد الاجتماعية الراسخة والمتوارثة عن آبائهم واجدادهم...
يتمركز أغلب الأيزيدييون ومنذ نشأتهم في جنوب كوردستان الذي يعتبر موطنهم الاصلي، ويؤمنون بالعيش المشترك مع بقية الطوائف والمكونات الاجتماعية بسلام ووئام، كما يتقاسمون أبنائهم الحياة مع الاخرين بكل حرية في كافة المجالات وبشكل طبيعي مع الحرص على مراعاة خصوصيتهم الدينية والعقائدية. كانت هذه نبذة مختصرة عن المجتمع الأيزيدي الغني بتراثه العريق وتاريخه القديم...
وباعتبار أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني حركة قومية علمانية فعالة ويمتلك نفوذ واسع في عموم كوردستان، وله حجم سياسي كبير وتأثير فعال ولديه برنامج واضح لا يستطيع احد أن يستهين بقدراته السياسة في العراق والمنطقة، كما لكونه صاحب الباع الطويل من الكفاح الثوري المسلح ولعقود متواصلة من النضال مع الحركة التحررية الكوردستانية وقائد أكبر واعظم ثورتين مسلحة في كوردستان ألا وهما "ثورة أيلول" الوطنية بقيادة الأب الروحي للشعب الكوردي الخالد مصطفى البارزاني و"ثورة كولان" التقدمية اللتان جعلتا من أرض كوردستان وجبالها واحة آمنة لكافة الأحزاب العراقية المعارضة مع الحكومة في جميع الاوقات، بغض النظر عن أن هذه الأحزاب دينية متحفظة أو علمانية يسارية أو تلك التي تناضل من أجل المفاهيم القومية...
لكن هدفه الاسمى كان دوما الدفاع عن حقوق جميع الأقليات الموجودة في الإقليم كالأيزيديين والمسيحيين والتركمان والاقليات الاخرى بالصدق والأمان، لكونه يعتبر خيمة محمية لكافة الاقليات الدينية الموجودة في المنطقة، وكان يتعامل مع كافة المكونات بنفس المقاييس الوطنية دون تمييز، ويقف بنفس المسافة من الجميع ولايزال يتحمل مسؤولية حماية كافة مكونات المجتمع...
إن أغلب الحركات القومية الكوردية العاملة في الساحة السياسية، قد تخلت مؤخرا عن افكارها العلمانية، وعن أجنداتها السياسية التي كانت تهدف الى المساواة بين كافة الطبقات الاجتماعية وتوفير الامن والحماية لمختلف المكونات المتواجدة في كوردستان، كما كانت تؤكد على حرصها الكامل لمواصلة الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية في ممارسة معتقداتهم بحرية وحسب الأصول، بعكس ما كانت مثبتة في برامجها السياسية إبان الكفاح المسلح مع الحركة التحررية الكوردية، تلك النهج العلماني الناتج عن ثقافة كافة التنظيمات الكوردية والتي كان تعتبر من الصفات الإيجابية التي اعتزت بها تلك القوى السياسية في كوردستان، بخلاف الجماعات الإسلامية الأصولية الحديثة العهد والتي بدأت تؤثر على مستقبل الإقليم شيئا فشيئا، بسبب وقعها تحت تأثير سياسات الدول الإسلامية الكبرى في المنطقة، لتخرج معظمهم عن الطور القومي المتبع سالكة النهج العنصري والمبدأ الشمولي الذي يهدد النظام الديمقراطي في الإقليم والعراق...
ولكن عندما يتعرض مصير تلك المكونات الى الخطورة والتهديد في الإقليم ويشعروا ابناءهم الإقصاء أو التهميش لسبب أو لآخر، يقع حينها مسؤولية حمايتهم على عاتق القيادة السياسية الكوردستانية بالدرجة الاولى، لكونها احدى المصادر الأساسية التي تعتمد عليه جميع أفراد المجتمع وفي كل الاحوال، ولكن تختلف الأمر هنا بالنسبة للمجتمع الأيزيدي مقارنة مع غيره من المكونات، لكونهم أقلية دينية صغيرة والمخاوف عليه مضاعفة من هذه الناحية بغض النظر عن انتماءهم القومي وعراقة ديانتهم في المنطقة...
هنا تكمن خطورة الموقف على الأقليات وتزداد عليهم المخاوف ويواجهون الصعوبات جراء سياسات تلك التنظيمات الاصولية في كوردستان، بالرغم من تشريع القوانين الدستورية التي يتضمن حقوق الاقليات الدينية والعرقية في الإقليم من خلال المؤسسة الرسمية "البرلمان" والذي أجاز لكافة مكونات المجتمع ممارسة حرياتهم الاجتماعية تحت خيمتها وحسب الآليات المنصوصة في طياتها...
لكن مع هذه المخاوف الذي لاقاه أبناء المجتمع الأيزيدي في الماضي حاول الاستناد على وفاء العائلة البارزانية ورمز الشعب الكوردي القائد الخالد مصطفى البارزاني وما يلاقيه اليوم وسيلاقيه في المستقبل سوف يحاول الاستناد على حكمة وسياسة الرئيس مسعود البارزاني باعتباره الضمان الآمن والحقيقي لحماية حقوقهم في العراق بشكل عام وإقليم كوردستان على وجه خاص، لكونهم يشعرون بالحرية في ظل سياسته الحكيمة في هذه المرحلة الصعبة والحرجة من التاريخ. 

إدريس زوزاني
ألمانيا 50/12/2014

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

"الخطوة الاولى لبناء الدولة الكوردية"

 في موضوع مماثل تحدثنا فيه سابقا عن كيفية الاستفادة من نفط كوردستان لتكون حجر اساس لبناء الدولة الكوردية في المستقبل وكيفية استخدامها من قبل حكومة الاقليم كورقة ضغط في الكثير من الامور السياسية مع حكومات الدول المجاورة وتنشيط دبلوماسيتها الخارجية مع بقية دول العالم من اجل مساعدتها في تحقيق هذا الامر، ولقد ظهرت اليوم بوادر تلك السياسات التي تؤكد حقيقة بناء نواتها رويدا رويدا وبدأت الخطوة الاولى من انشاء أسس الدولة الكوردية عندما طالب رئيس الاقليم من البرلمان التصويت على قرار تحويل قضاء حلبجة الى محافظة مستقلة، ثم احالة الأمر بعدها الى مجلس الوزراء لغرض التنفيذ، لتكون مدينة حلبجة المحافظة الرابعة ضمن الحدود الادارية لإقليم كوردستان، تأتي هذه الخطوة بعد تماطل حكومة المركز بالأمر وتأخيرها مقصودا، وتعتبر هذه الخطوة الجريئة من حكومة الإقليم جزء من الوفاء والتضحيات التي قدمتها مدينة حلبجة اثناء تعرضها لهجوم بالأسلحة الكيمياوية من قبل النظام الدكتاتوري في العراق عام 1988 وذهب ضحيتها ألاف المواطنين الأبرياء من المدينة...
لذا نأمل هنا بأن توجه أنظار حكومة الاقليم الى مدينة شنكال أيضا، بغية الانتهاء من تحويل مدينة حلبجة الى محافظة مستقلة وان تعيرها نفس الاهتمام وفي خطوات مماثلة عرفانا لضحايا الويلات والماسي التي حلت بأهلها طوال السنوات الماضية من قبل جميع الأنظمة التي حكمت العراق منذ تأسيسها وإلى هذه اللحظة، وكما نريد أن تحذو بعض المدن الاخرى حذوها في إقليم كوردستان لطالما تتطابق هذه الخطوات مع المتطلبات الأساسية التي تتجه نحو تحقيق الحلم الكوردي الكبير في بناء دولته المستقلة، كذلك مع الافكار والطروحات التي تسعى اليه جميع ابناء الشعب الكوردي...
لا شك انه تتوفر في الإقليم كافة المقومات الادارية التي تتيح لشعب كوردستان الفرصة لإقامة كيانها المستقل من خلالها، وبكل تأكيد تتوافق هذه المقومات مع متطلبات البرنامج الاساسي لنظام إدارة ذاتية مستقلة ومتطورة لبناء الدولة ولعدة عوامل نذكر من اهمها:

1.     الجانب الاقتصادي: نبدأها بالمنتوج النفطي الذي يعتبر احد ابرز المقومات التي تشكل على اساسه بناء المجتمعات واهم وسيلة ترتكز عليها لإنشاء الدول، كما حصل في اغلب مناطق الشرق الاوسط وأنشئ على اثرها دويلات عديدة، ويتوفر هذا المنتج في اقليم كوردستان بشكل كبير لدرجة انه اصبح احد الاسباب الرئيسية التي اضطهد من اجله أبناء الشعب الكوردي وأجهضت حقوقه المشروعة من قبل الأنظمة المتعاقبة في البلد، هذا بالإضافة الى واردات المواد الجمركية والمحاصيل الزراعية والواردات الأخرى التي تدخل الى ميزانية الإقليم من الداخل.
2.     الجانب الاداري: يتمتع إقليم كوردستان منذ سنة 1991 بإدارة محلية مستقلة عن الدولة العراقية بكل مواصفاتها وبشكل كامل ورسمي بعيدة عن تدخل حكومة المركز بشؤونها الداخلية، حيث يمتلك الإقليم برلمانه الخاص ويدار أموره من قبل طاقم حكومي جاهز بالموظفين والمدراء والوزراء بالإضافة الى تداول اللغة الكوردية التي تعتبر اللغة الرسمية في جميع مؤسساتها الرسمية ودوائرها الحكومية بدون استثناء، لذا فلن يكون هناك أية اشكالية تعرقل مسيرته من هذا الجانب.
3.     الجانب العسكري والأمني: يمتلك الإقليم قوة عسكرية كبيرة لا تستهان بها وهي جاهزة للدفاع عن كرامة وأرض كوردستان في جميع الأوقات، حيث تتكون هذه القوات من صنوف عسكرية مختلفة منها هجومية مقاتلة واخرى دفاعية حامية، حيث تبدء برمز النضال والثورات الكوردية ألا وهي قوات البيشمركه الابطال وكذلك قوات الزير‌فاني العين الساهرة وقوات الجيش النظامي المغوار، بالإضافة الى أجهزة قوات الداخلية المتكون من جهاز حماية الإقليم المتمكن والمقتدر الذي أظهر لجميع شعوب المنطقة إثبات وجوده وأقهر من خلالها أعداء شعب كوردستان بشكل كبير ويتكون الجهاز من الأجهزة الاستخبارية وجهاز مكافحة الإرهاب وجهاز الأسايش (الأمن) بمختلف صنوفه والمعروف بقوات حماية الشعب، كذلك قوات الشرطة المحلية الحارس الامين، لا شك انه باستطاعة هذه القوة الكبيرة حماية الكيان الكوردي في حال تعرضه الى خطورة قد تحدث من أية جهة تحاول الإقدام على خطوة عدائية تجاه شعب كوردستان.
4.     الجانب التربوي والثقافي: يعتمد اقليم كوردستان على نظامه التربوي والتدريسي الخاص وتمتلك كم هائل من الجامعات والمعاهد والمؤسسات العلمية والتربوية المختلفة والمعترف بها دوليا حسب تقرير اليونسكو في عموم محافظات الإقليم ويعتمد أغلبها وإن لم يكن جميعها على المناهج الدراسية الكاملة باللغة الكوردية. هذا من ناحية التدريس، أما من الناحية الثقافية فهناك العديد من المؤسسات الثقافية الكبيرة التي تتصدر العديد من الكتب والصحف والجرائد الرسمية في الإقليم، كما يوجد العديد من الجمعيات الثقافية التي تمارس فيها الطبقة المثقفة نشاطاتها وفعالياتها بكل حرية، كذلك يوجد هناك العديد من المراكز المهنية لتأهيل وتعليم الشباب وتدريبهم على دورات مختلفة.
5.     الجانب الاجتماعي: بما أن الشعب الكوردي فسيفساء اجتماعية ودينية وطائفية مختلفة ويتقبل العيش مع القوميات الأخرى في الإقليم، الا إن حلمه الوحيد كان ولا يزال أن يتمتع في كيانه الذاتي المستقل والعيش تحت ظل دولة كوردية مستقلة، لأن الكثيرين من أبنائه ضحوا بأرواحهم فداء من أجل هذه القضية المصيرية وتعرضوا جراءها الى الكثير من الظلم والاضطهاد القومي والديني، كما تعرضوا الى العديد من حملات الترحيل والتهجير القسري وتعريب مناطقهم وتغيير جغرافيتها، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نجد بأن غالبية أبناء الشعب الكوردي يميل الى فكرة الاستقلال وإنشاء دولته الكوردية المستقلة، لأن ما يجري في ضوء المعطيات على الأرض يدل على ذلك من تلقاء نفسه، ويبرهن على أن هذا الشعب قادر على إدارة شؤونه الذاتية في كافة جوانب الحياة وله كامل الحق والحرية في تقرير مصيره.
6.     الجانب القضائي والقانوني: تعتبر السلطة القضائية السلطة الثالثة لإدارة أمور الحكم في الإقليم بعد السلطات التشريعية والتنفيذية. ولهذه السلطة مؤسساتها الكاملة من جميع النواحي القانونية، حيث وجود المعهد القضائي الذي يتخذ الإجراءات اللازمة لإصلاح النظام القضائي ومعالجة الأزمات القانونية في محاكم الإقليم وتخريج الكفاءات العلمية المتخصصة في مجال العلوم القانونية الذي يساهم في تطوير الجانب القضائي، بالإضافة الى وجود محكمة التمييز التي هي الهيئة القضائية العليا الى جانب وزارة العدل التي تتمتع بالاستقلالية التامة في الإقليم.

جميع هذه العوامل تدل على أن الشعب الكوردي قادر على إدارة كيانه المستقل والاعتماد على الإمكانيات الموجودة لديه والعيش بحرية وكرامة من خيرات أرضه. والاستناد على خبرات أبنائه والاستفادة من مؤهلاتهم لبناء دولة نموذجية في المنطقة ولمثل هذه الخطوات يتطلب الأمر إلى توحيد الكلمة والمزيد من التكاتف بين كافة مكونات الشعب الكوردي، بالإضافة الى استخدام جميع الوسائل المتاحة لتسهيل الطريق نحو الوصول الى الهدف المطلوب...

لابد لنا في الأخر ان نتذكر الظلم والاضطهاد الذي عان منه الشعب الكوردي في الماضي على يد الدول المستعمرة في المنطقة برمتها ولقد حان الوقت المناسب لبذل الجهود لاتخاذ الخطوات العملية المهمة واستغلال الاحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط والتوجه نحو بناء الدولة الكوردية المستقلة والتخلص من العبودية المفروضة عليه قبل فوات الأوان.  

إدريس زوزاني
ألمانيا 12/11/2014

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

"دور الكادر الأيزيدي البارتي في الخارج"

انه الوقت الذي يفصل المرء بين مشاعره العاطفية وبين ما يحمله من المسؤوليات الاخلاقية تجاه وطنه وشعبه من خلال العمل السياسي الذي يمارسه من أجل بعض القضايا المصيرية والمهمة، لذا عليه التعامل بكل جدية وإخلاص مع ما يقوم به من العمل السياسي مع الجهة التي ينتمي اليها ويعمل لصالحها ضمن الأسس الفكرية والمبادئ الأساسية لتلك الجهات عن قناعة تامة بعيدا عن جميع التأثيرات الجانبية، أو تحت اية ضغوطات معينة أو حسب رغبات بعض القوى والأحزاب السياسية أو تحت تأثيرات بعض الأشخاص لأسباب واهية ليس لها أهمية سوى خدمة المصالح الشخصية أو الفئوية الضيقة...
يمر إقليم كوردستان اليوم بشكل عام والمناطق التي يسكنها المجتمع الأيزيدي بشكل خاص في ظروف أمنية حرجة هي الأخطر من نوعها، جراء الهجمات التي يشنها تنظيم دولة الخلافة الإسلامية (داس) الإرهابي مؤخرا على مدينة شنكال وضواحيها، لتحل بأهلها المسالم البريء كارثة إنسانية كبيرة، بالرغم من أنها كانت محمية بقوة عسكرية لكنها لم تتمكن من مقاومة الإرهابيين كثيرا ولأسباب غير معروفة، سوآءا كانت خارجة عن إرادة المسؤولين في المدينة أو أنها كانت تخاذلا من بعض القيادات العسكرية المتمركزة هناك، ويعتبر ذلك جبنا منهم كما أنه تقصيرا تجاه أداء عملهم ومهمتهم المكلفين بها...
لذا وقعت في هذه الأثناء بعض الأخطاء الفادحة التي جعلت الحزب الديمقراطي الكوردستاني أن يدفع ثمنها غاليا لأنه كان ولايزال يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في العديد من الجوانب وأهمها لكون غالبية أهالي شنكال من الموالين لهم، كما يمتلك قدر كبير من الكادر التنظيمي هناك، لذلك كان ولابد من أن يقوم هذا الكادر الحزبي بدوره ويستخدم كافة الوسائل لتخفيف حجم الكارثة والتعامل معها بالشكل المطلوب. هذا بالرغم من تواجد المواليين لبقية الأحزاب والتنظيمات الكوردستانية الأخرى الموجودة في المنطقة. كان من واجب الجميع التكاتف وتحمل المسؤولية مع بعضهم تجاه المصير المشترك في مواجهة المخاطر، إلا أن الحصة الأكبر من المسؤولية تقع على عاتق الحزب الديمقراطي الكوردستاني وهذا ما يتقبله قيادتها التي تحاول اليوم بشكل جدي وبكافة الوسائل والإمكانيات المتاحة لديها السيطرة على ما فقد من التوازن العسكري والنفوذ السياسي في المنطقة ومن ضمنها مدينة شكنال وبقية المناطق التي يسيطر عليها الان قوة الشر والتكفير والإرهاب...
لقد تسببت هجماتهم الإرهابية إلى مقتل وتشريد الكثير من الناس الأبرياء وسبي العديد من النساء والبنات، وتضرر البلاد والعباد من خلالها، كما ذهبت ضحيتها الصغار والكبار، لتتحول المدينة جراءها إلى معقل الأشباح ومصدر الإرهاب بانتظار الإفراج والخلاص من فك الوحوش المفترسة، وتطالب النجاة من ظلم هؤلاء المرتزقة وإنقاذ ما تبقى من الأبرياء في الجبال، وحماية جميع الأماكن المقدسة هناك، كما ضحى الكثيرون من الرجال الشجعان بأرواحهم الزكية فداء في سبيل عودة المدينة الى سابق عهدها وتحريرها من دنس الطغاة وتنظيفها من قذارة هذا التنظيم الإرهابي النتن، ولا زالت التضحيات متواصلة والمحاولات مستمرة من أجل تطهير المدينة، وجميع المناطق التي تقع تحت سيطرتهم ...
وبالرغم من الدور المشرف للجالية الكوردية بشكل عام والأيزيديين بشكل خاص في الخارج حول مساندة أهالي مدينة شنكال والتضامن مع آلامهم ومآسيهم، سواء كانت عن طريق التظاهرات السلمية  العارمة وعن طريق مطالبة الدول والحكومات الأوربية لمساعدتهم في محنتهم....
إضافة إلى الضغط المتواصل على منظمات المجتمع المدني للقيام بدورهم الإنساني تجاه النازحين، لكن مع الأسف الشديد نرى في الوقت نفسه ظهور طابور خامس نشأ في الخارج مع بداية الأحداث الجارية في كوردستان وعلى شكل خلايا سرطانية منظمة تقوم بنشر سمومها الإعلامية في العديد من البلدان الأوروبية، أغلب هؤلاء هم من الذين كانوا يعملون لصالح الأحزاب والتنظيمات المعادية للحركة التحررية الكوردية في الماضي ويستمجدون بسياساتهم الدكتاتورية في الحاضر على أمل عودة حكمهم الفاشي ثانية، لذا يحرضون فئة معينة من العامة للقيام بكتابات معادية ضد الدين والقومية في الاقليم، مع العلم بأن أغلب هؤلاء هم ليسوا من أهالي مدينة شنكال ولديهم نيات مبيتة تجاه القضية الكوردية ومواقفهم واضحة من هذا الاتجاه...  
والغريب هنا عندما نشاهد الدور المتدني للكثير من كوادر الأيزيديين المحسوبين على الحزب الديمقراطي الكوردستاني في الخارج وخروج العديد منهم عن صمتهم وتوجه أصابع الاتهام إلى القيادات الحزبية بما حدث لمدينة شنكال دون التأكد من مراجعهم الحزبية عن أسباب وتداعيات تلك الحادثة الأليمة، وذلك تلبية لمطالب الأخرين واستسلاما لإرادة بعض المنافقين من أصحاب السوابق أبان حكم النظام الدكتاتوري في البلاد....
وتوارى البعض الأخر أنفسهم من جميع النشاطات والتظاهرات الجماهيرية وحتى السياسية باستثناء القليل منهم، كما تواروا عن أنظار وسائل الإعلام بكافة أنواعها تحاشيا من المواجهة مع بعض المتطفلين الذين احتلوا بدورهم المواقع الاجتماعية وصفحات الأنترنت لغرض إساءة الأخرين، ولا يزال الكثيرون منهم لا يتجرؤون استخدام مواقعهم الشخصية تفاديا لعدم مواجهتهم...
كما أنضم القسم الأخر منهم إلى الطابور الخامس وبدأوا يتحدثون عن مجريات الأحداث حسب مزاجهم الخاص ويكتبون عن الواقع بالطريقة التي تتناسب مع مصالحهم الشخصية وإرضاء من كلفهم بالأمر وجعلهم ينقلبون عن المبادئ التي كانوا يؤمنون بها قبل الأحداث. علما إن اغلب هؤلاء المنقلبين كانوا يقفون في الصفوف الأمامية للحزب أثناء المحافل الرسيمة وكانوا حجر عثرة أمام الكثيرين من الكوادر ومؤيدي الحزب في الكثير من الأحيان لسبب أو لأخر، كما أن أغلبهم كانوا ولا يزالون يستلمون أكثر من راتب رسمي سوآءا هم ومن حولهم من خلال الحزب في الإقليم، لكن يبدوا أن الأحداث الأخيرة جعلتهم يشعرون أن ما كانوا يتقاضون من الرواتب كانت على حساب اولائك الذين أصبحوا ضحية أخطائهم اليوم، لذا قرروا الوقوف في صفوف تلك الطوابير المشؤومة التي تسعى الى اختلاط الأمور ببعضها من خلال التحريض إلى الفتنة القومية والدينية البغيضة...
هنا نحث الجميع على أن يكونوا حذرين من مثل هذه المحاولات اليائسة التي قد تؤدي إلى حدوث شرخ بين المكونات المتعايشة في المنطقة وعدم الانجرار وراء أية دعوات مشبوهة قد تقوي للتحريض على العنف وتلحق الأضرار بمصالح المجتمع بأكمله.
ونختم موضوعنا هذا بالمقولة الشهيرة " إذا كان رب البيت بالدف ناقر فشيمة أهل البيت الرقص"

إدريس زوزاني
ألمانيا 29/10/2014

الأحد، 19 أكتوبر 2014

"رسالة مفتوحة الى بيت الأمارة"

الى كل من:
سمو الامير فاروق سعيد بك المحترم.
سمو الامير كاميران خيري بك المحترم.
سمو الامير حازم تحسين بك المحترم.

كما هو معلوم لدى الجميع بانه يمر المجتمع الايزيدي بظروف صعبة وفي محنة كبيرة جراء الاحداث الاخير وما يجرى لمناطقنا من الاعمال التخريبية من قبل تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي المتطرف (داس). لتتعرض من خلالها المجتمع الكوردي بشكل عام والايزيدي بشكل خاص الى ابشع انواع  الظلم والاضطهاد من القتل والنهب والتشريد، لتتحول بعدها الوضع الى كارثة انسانسة كبيرة في مدينة شنكال لم يشهدها التاريخ الحديث...
لذا يتطلب الوضع هنا الى الكثير من الصبر والتحمل والحكمة في جميع النواحي وعلى كافة الاصعدة، وعلى الجميع تحمل المسؤولية التاريخية تجاه ما يحصل في المنطقة من الكارثة الانسانية البشعة...
ولايخفي على احد ما يقوم به قوات بيشمركه كوردستان الشجاعة في كافة قطاعات المعركة من الهجمات الشرسة ضد هذا التنظيم الارهابي واحرازهم البطولات والانتصارات المتواصلة طوال اشهر متكاملة ضحى من خلالها الكثير من الارواح الزاهية وسال الكثير من الدماء الزكية دفاعا عن شرف وكرامة كوردستان برمتها، وكلنا امل بان يتحرر جميع المناطق التي وقعت بيد الارهابيين تحت اية ظروف كانت بما في ذلك مدينة شنكال واطرافها وباسرع وقت ممكن، لكي يعود من تشردوا من تلك المناطق الى ديارهم مرفوعين الراس وينتهي من محنتهم...
ان ما نراه من خلال هذه الاحداث الاليمة هو الشعور بوجود فئة قليلة من ابناء المجتمع الايزيدي باستغلال هذه الاحداث كفرصة سانحة تمنوها منذ زمن بعيد من اجل تحقيق مصالحهم الشخصية او الفئوية الضيقة، وليس همهم ما يجري لابناء المجتمع الايزيدي من الويلات، بل انها لتسهيل اجنداتهم الخاصة لتي طالما انتظروا هذه الفرصة لتنفيذ مخططاتهم الدنيئة والاصطياد من خلالها في المياه العكرة...
هذا وكما ذكرنا في مقال سابق بان سمو الامير تحسين بك شخصية مرموقة له مكانته الخاصة لدى الجميع، عليها يحتاج الى هيئة استشارية واعية في كافة المجالات بالاضافة الى متحدث رسمي ينوبه في كافة المحافل الدولية الرسمية، وليس ان يقوم سموه شخصيا باطلاق التصاريح واجراء المقابلات والحوارات على المنابر الاعلامية، لكي لا يقع في بعض الاخطاء الغير مقصودة والتي يتاثر على شخصه سلبا...
لذا ما نتمناه من جنابكم الأفاضل في هذه الاثناء ان تخطوا خطوة كهذه وان يتم اختيار الاشخاص المناسبة ذوي الخبرة العالية في كافة المجالات كي يتحدثوا باسم سمو الامير مستقبلا، لتجنب الاخطاء الذي من الممكن ان يقع فيها سموه وان يجعل موقفه حرجا امام الراي العام الكوردي اولا وبين بني جلدته ثانيا...
سادتي الكرام الغرض من توجيه هذه الرسالة هو ما يتعرض له سمو الامير العديد من الانتقادات في الفترة الاخيرة من خلال بعض التصريحات الذي صدر باسمه كذلك عندما نزول سموه الى الشارع لمشاركة التظاهرات من اجل بني جلدته في الخارج مع العامة من الناس ليتعرض اثنائها الى مواقف محرجة لايليق به، كما تلك البيانات التي وقعت باسمه ونشر على صفحات الانترنت وكذلك التسجيلات الصوتية الموالية اليه في العديد من المناسبات، بالاضافة الى لقائه الاخير مع قناة العربية في برنامج خاص والذي اصبح محل انتقاد الكثير من ابناء المجتمع...

في الأخير نقول بان لسمو الامير مكانة خاصة لدى القيادة السياسية الكوردستانية بشكل عام ولدى شخص الرئيس بارزاني بشكل خاص، لذلك من الأفضل الإحتفاظ بمكانته كأمير لجميع ابناء المجتمع الكوردي وعدم الانجرار وراء افكار بعض الاشخاص الذين لديهم اجندات خاصة للإقتراب الى شخصه الكريم والهدف من وراءها الإساءة الى سمعته ومكانته...

نتمنى للأمير المبجل الشفاء العاجل والصحة والسلامة والعمر المديد والعودة الى أحضان الوطن للعيش بالقرب من لالش النوراني لأنها أمانة دينية كبيرة تقع مسؤولية حمايتها على عاتقه الى أخر رمق في حياته.
وما التوفيق إلا برب العالمين.

إدريس زوزاني
ألمانيا 19/10/2014

السبت، 20 سبتمبر 2014

"كارثة شنكال ومجزرة باسا وجهان لعملة واحدة"

مما يظهر للجميع ان التكرار في عالم الشرق الاوسط، وبالتحديد في الدول التي تنتهج غالبية شعوبها الثقافات الاسلامية المتطرفة التي لا تزال تعيش اوهام زمن الجاهلية والتفكير برجوع عصر الخلفاء والسلاطين على عروشهم، هؤلاء الذين لا يؤمنون بالتسامح والتعايش السلمي ونهج الديمقراطية والمساواة داخل مجتمعاتهم ويحاولون اعادة التاريخ الى الوراء، نقول لهم إن ذلك العهد قد ولى...
لذا اود الاشارة هنا الى بعض المعطيات لحادثتان منفصلتان متشابهتان من حيث حجمهما الكارثي واسلوبهما الاجرامي الكبير، الا وهو (الفرمان) او الابادة الجماعية للأيزيديين الباسيين في تركيا من قبل الجيوش العثمانية، وبمساعدة المتخاذلين معهم من رؤساء العشائر المحسوبين على الكورد في المنطقة. وبين ما حصل من  الكارثة الانسانية بحق المكون الأيزيدي في مدينة شنكال من حيث القتل والظلم والتعسف جراء تعرضها الى الهجوم المفاجئ من قبل مرتزقة تنظيمات الدولة الاسلامية (داس) الارهابي والمتخاذلين معهم من العشائر العربية وبعض من الاشخاص الضالين المحسوبين على الكورد في المدينة...
هنا يجب ان لا نستغرب لمثل هذه الامور لطالما نعيش في دول قوانينها سائدة وتشريعاتها معمولة ومستندة على هذا الاساس والجهات الرسمية ملزمة بتنفيذ بنودها وتؤيد افكار مجتمعاتها في اروقتهم السياسية تلبية لضغوطات ميولهم الدينية...

حملة ابادة (فرمان) الباسيين في تركيا 14/05/1916.
منطقة باسا تابعة لمدينة سيرت التي تقع في جنوب شرق تركيا، وتتكون المنطقة من عدة قرى يسكنها الأيزيديين الى جانب المسلمين والمسيحيين الارمن وتسمى ذلك المنطقة ب"بوتان". تعرضت الاقليات الدينية هناك الى حملة ابادة جماعية بطريقة وحشية من قبل الجيش العثماني التي بدأوها بالمسيحيين الارمن وانهوها بهذه الشريحة التي انتمي اليها بكل فخر واعتزاز...
اصدر الى الجيش العثماني القرار (الفرمان) للقيام بحملة ابادة جماعية على المكونات الصغيرة التي لا تعتنق الاسلام في الدولة التركية، حيث بدأوها بالمسيحيين الارمن الى ان وصلت الكارثة لمدينة سيرت وضواحيها بالكامل. حيث قتل جراءها الالاف المؤلفة وشرد وهجر الكثيرين منهم قسرا، ثم الضغط على من تبقى هناك اعتناق الإسلام جبرا، ليصل بعدها الامر بالتوجه نحو المناطق التي يسكنها الأيزيديين وبالأخص قرى الباسيين، الذين كان لهم موقف مشرف تجاه النازحين المسيحيين في محنتهم وإيوائهم في قراهم وبيوتهم واخفائهم عن انظار الجيش التركي...
بعدها واصلوا المجرمون مهمتهم ونفذوا مخططهم وتقدموا باتجاه قرى الباسيين الذين اعتبروا انفسهم بأمان جراء الوعود التي اخذوها من رؤساء العشائر الكورد في المنطقة آنذاك بعدم مغادرة مناطقهم والبقاء في بيوتهم لكونهم تحت حمايتهم، الى ان تصل في تلك الاثناء قوافل الجيش العثماني الغادر وعاملتهم معاملة المسيحيين وفرضوا عليهم الاعتناق بالإسلام او مواجهة المصير المجهول، ليهرب في تلك الاثناء من تمكن الهرب ويلاقي البقية حتفهم ونهب اموالهم وممتلكاتهم...
يؤلمني هنا ما كانوا يحدثونها به لنا اجدادنا الباسيين من قصص محاصرتهم وكيفية مواجهتهم المصير المحتوم، ولم يكن وقتها باستطاعتهم سوى مواجهة الموت او الاعتناق للإسلام، لأن من اعطاهم الامان غدروا بهم وطلبوا منهم التخلي عن دينهم بدلا من مواجهة الموت المحتوم. وكانوا يكملون حديثهم بان الموت بكرامة كان افضل من ترك معتقداتهم التي خلقها الله لهم...
واستمروا بحديثهم بان من تبقى من الناجين من هذه الحملة الشرسة توجهوا الى الجبال مختبئين فيه نهارا وسائرين ليلا، لحين وصولهم الى المناطق المحاذية لحدود مع العراق، وبالتحديد في قرية اسمها (جفتك). وطلبوا الباسييون منهم ايوائهم او حمايتهم  لبضع ساعات لأخذ قسطا من الراحة جراء التعب والارهاق والالم الذي لحق بهم. الا ان اهل القرية ومع الاسف الشديد طلبوا منهم تسليم اسلحتهم مقابل ما يطلبونه، وعند تسليم الاسلحة منهم تسلل الغدر الى قلوبهم وماتت ضمائرهم وبدأوا بقتل الاطفال وذبح الرجال وسبي النساء بطريقة وحشية وغير انسانية، وكما تبين في حديث احداهن كيف انهم كانوا يشقون بطون الحوامل بحراب بنادقهم، وكيف كانت الحرائر تربط ضفائرهن ببعضهن ويرمون بأنفسهن في نهر الخابور كي لا يقعن بأيدي هؤلاء المجرمين، وكانوا يفضلن الموت على الحياة، كما كان هنالك الكثير من مثل هذه الكوارث والقصص الاجرامية والمخيفة التي ارتكبت بحقهن في حينها...
ذكرتني هذه الحادثة بصرخة رجل شنكالي حينما صرح على الملء لقد غدر بنا جارنا الذي طهرت ابني في حضنه وتبين بعدها بانه كان من بين أولئك الذين قاموا بسلب اموالنا وخطفوا بناتنا امام انظارنا. لتوقفني كلماته وتذكرني ما حدث لأجدادنا قبل حوالي قرن تقريبا، وانتابني في لحظتها جرح عميق والم شديد، والحسرة اصبحت حسرتان واشتد بي الضيق وقتها للعيش بكرامة وحرية، وقلت لنفسي كم يشبه اليوم بالبارحة...
ولم تنجوا من هذه الكارثة المروعة الا العدد القليل من افراد هذه الشريحة حيث توجه قسم منهم الى مدن دهوك والموصل في العراق، كما اختبأ البعض منهم في المناطق الكوردية جنوب تركيا للخلاص بأرواحهم، وليتمكنوا خلالها الحفاظ على معتقداتهم ومبادئهم بالرغم من كل الويلات والماسي التي حلت بهم. وتزايدت بعدها اعدادهم حيث يعيش الان القسم الاكبر منهم في جنوب مدينة دهوك / كوردستان وكذلك الذين كانوا يعيشون في تركيا، يتواجدون حاليا في جمهورية المانيا واعدادهم في تزايد ملحوظ. بالإضافة الى من ارغموا الاعتناق للإسلام عنوة، لا يزالون يعيشون البعض منهم في جنوب تركيا ...
لا يخفي على احد ان ما حدث في مدينة شنكال مؤخرا بانها كانت كارثة حقيقية وراءها الافكار الاصولية المتطرفة التي تربطها الكثير مما حدث من حملة الابادة في باسا، وكما يظهر لنا من حيث الافكار الضيقة النظر بان الكارثتان وجهان لعملة واحدة.

كارثة شنكال في العراق 03/08/2014.
شنكال مدينة تاريخية عريقة تقع غرب مدينة الموصل ويعود تاريخها الى ثلاثة الاف سنة ق. م. وانها معروفة بصمودها وشجاعة اهلها، غالبية سكانها من المكون الأيزيدي الى جانب عدد قليل من المسلمين والمسيحيين، قاومت منذ نشأتها الجيوش الجرارة وهزمت الطغاة بكل اشكاله، لم تستسلم يوما لأعدائها بالرغم من كثرة معاناتها، كما انها نالت بما فيه الكفاية من الظلم والاستبداد. لقد سلبت حرياتها الشخصية كما تعرضت الى التهجير القسري وعربت مناطقها وحاولوا انتشار الفساد في جميع اروقتها والتأثير على كافة مكوناتها، لكنها عاندت واصرت على ان تبقى حرة صامدة في وجه كل من تطاول على حرماتها والنيل من كرامتها، وصدت كل من اراد الاساءة الى محيطها الاجتماعي...
لكن جراء الاحداث التي مرت بها المنطقة في الآونة الاخيرة وبسبب دخول التنظيمات الارهابية التي تسمي نفسها دولة الاسلام (داس) الى العراق وتعاملها الغير اخلاقي مع جميع المكونات العرقية والاجتماعية فيها، وما حصل لها من القتل على الهوية والذبح على الطريقة الاسلامية، حيث بدأوها بالمسيحيين الابرياء في الموصل واطرافها واجبارهم على الاختيار بين الاعتناق للإسلام او الرحيل من ديارهم او مواجهة الموت الزؤام، ليترك الجميع بيوتهم جراءها، ثم يحول المسار من بعدها تجاه مدينة شنكال وكافة مجمعاتها والمناطق التابعة لها...
لذا مع بدء صباح يوم 03/08/2014 شنت مرتزقة التنظيمات الارهابية على اوسع جبهاتها هجوما مباغتا غير متوقعا على هذه المدينة التي كانت محمية من قبل قوات البيشمركه، التي تخاذل بعض من قياداته العسكرية وتركزا مواقعهم الدفاعية وأمروا بقية القوات بالانسحاب من المنطقة بأكملها، ليتدخل بعدها الارهابين المجرمين والمتعطشين لقتل الابرياء الى المدينة واحتلالها...
وجراء ذلك الهجوم الذي شمل جميع انحاء المدينة تركوا الناس بيوتهم نازحين الى الجبال بشكل مفاجئ ومخيف، وتعرض من لم يتمكن من الهرب منهم الى اشرس انواع الظلم والاجرام. لقد ذبحوا من خلالها الاطفال وقتلوا الرجال وخطفوا وسبوا النساء بطريقة وحشية بعيدة عن كافة القيم الاخلاقية والمبادئ الانسانية...
ان ما حصل لهذه المدينة في تلك الاثناء لا يمكن للعقل ان يتقبله ولا لعاقل ان يصدقه ولا يستطيع الضمير استيعابه. لقد اصبح اقرب الناس عدوا لهم، هل اخطأت الكتب السماوية والادبيات الاجتماعية عندما دونت في طياتها بان حق الجار على الجار؟ وهل يصح ما نسمعه اليوم بان الجار يعتدي على جاره ولأتفه الاسباب فقط كونه لا ينتمي الى عقيدته؟ او ان يكون الجار عونا لنصرة الاعداء على جاره الذي ترعرع معه!! ووقف الى جانبه في السراء والضراء!! والذي عاشره حياته اليومية وشاركه الاحزان والافراح!! هل حقا وصل الحال بالإنسانية ان يتعدى الجار حرمات جاره؟ ام انها سفالة لن يفعلها سوى عديم الضمير والمجرد من الاخلاق، يا ترى كيف للمرء ان يستمتع بأحزان غيره!! يا له من زمن لا للإنسانية مكان فيه. هذا ما حدث في مدينة شنكال مؤخرا ومع الاسف...
كم من الاطفال قتلوا، وكم من النساء سبوا، وكم من الشباب ذبحوا، وكم من الالاف المؤلفة هاجروا بيوتهم ونزحوا الى الجبال، يا ترى ما ذنبهم؟ هل يعقل ان يصبح الانسان مهاجرا في وطنه وهو في عصر العولمة، ما ذنب هؤلاء الابرياء الذين نزحوا الى الجبال، اين هي الانسانية؟ يحاولون اعادة الزمن الى ما بعد العصور الجاهلية وزمن العبودية، ونحن نعيش في زمن العولمة، للأسف الشديد هذا ما حدث في مدينة شنكال مؤخرا...
لا شك ان حجم الكارثة كانت كبيرة، وانها فاقت جميع التصورات، والتضحيات جسيمة بعيدة عن كافة التوقعات، والخسائر لا تعد ولا تحصى. توجه الناس جراءها الى مصير مجهول، لم يكن لهم سند غير الجبل، ولم تكن لهم سوى الصرخة مفر، لقد حاصرهم الاوغاد لأيام بلياليها، دون ماء ولا طعام ولا مأوى، غطاؤهم كانت الصخور القاسية، وتحت حرارة الشمس العالية، فعلا انها كارثة انسانية كبيرة، لا بل انها ابادة جماعية واجهها الأيزيدييون في عقر دارهم، لم تشهد لها البشرية مثيل...
الاباء في انتظار عودة اولادهم، والامهات في انتظار عودة بناتهم المخطوفات، وينتظر الاولاد عودة اخواتهم والبنات بانتظار حرياتهم من الاسر، والزيجات تنتظر رؤية ازواجهم ثانية، والطلاب ينتظرون العودة الى مدارسهم، بينما ينتظر الجميع انهاء حالة الانتظار، والتخلص من الاوضاع المملة والظروف المعيشية المكتئبة وقساوة الهجرة في غربة وطنهم والعودة الى ديارهم بأسرع وقت ممكن...
اخيرا نقول مهما حاول الارهابيون ابادة المجتمع الأيزيدي وبأية وسيلة كانت او اي ظرف يكون، لن يستطيعوا ابادتهم ولم يستطيعوا فنائهم من الوجود.  لقد تغيرت الاوضاع وانتشروا ابناء هذه الشريحة في جميع بقاع الارض، ولم يعد هناك تأثير عليهم في مثل هذه الظروف الاستثنائية، وهم في عصر لا يقبل الاعتداء عليهم، ولن يسمح بحكم القوي على الضعيف، ولا مصير للإرهابيين والجزارين سوى الزوال، وبإمكان الجميع العيش بأمان وسلام ووئام.

إدريس زوزاني
ألمانيا / 20/09/2014

الأحد، 24 أغسطس 2014

"كارثة شنكال وتأثيرها على مستقبل الأيزيديين"

ان ما حدث في مدينة شنكال من قبل قوى الشر ومصدر الظلام ودعاة الارهاب فيما يسمى بدولة الخلافة تعتبر من الكوارث البشرية الاعنف من نوعها منذ ظهور هذا التنظيم الارهابي في المنطقة...
لقد ارتكبت من خلالها ابشع المجازر المروعة بحق المواطنين الأيزيديين العزل من حيث القتل الجماعي للأبرياء وسلب كرامتهم ونهب اموالهم واجبارهم على النزوح الجماعي وتهجيرهم من أماكن سكناهم وأراضيهم...
لاشك ان الاسباب التي تفاقمت حجم هذه الكارثة أثرت سلبا على وضع المجتمع الأيزيدي بشكل كبير وتسببت في عطل جميع مفاصل حياته، وعلى اعلى المستويات وفي كافة الاصعدة لان قساوة الاضرار فاقت جميع التوقعات. لذا فان هذه الجريمة النكراء لا تعتبر سوى انها (حملة إبادة جماعية)...
وتعد هذه الابادة من اصعب الظروف المريرة التي عاشها ابناء المجتمع الأيزيدي منذ ما يقارب قرن من الزمن كما تعتبر هذه  الكارثة الاكبر من نوعها في المنطقة على الاطلاق من حيث كبر حجمها المأساوي من جميع الجوانب، ولهذا فان الأيزيديين هم في اشد الحاجة الان وفي مثل هذه الظروف الحرجة الى قيادة جديدة قوية وشجاعة تتكون من شخصيات متمكنة ومثقفة قادرة على تحمل المسؤوليات، واتخاذ القرارات المصيرية لمثل هذه الأحداث الاليمة واثناء وقوع الكوارث والفواجع...
كما يجب ان تكون قراراتها نافذة تفرض على جميع الأيزيديين، لتتمكن من مطالبة حقوقهم المشروعة في الوطن ويجب أن تباشر هذه المجموعة عملها بالتشاور مع المعنيين من ابناء المجتمع الأيزيدي دون التردد في تنفيذ اي امر يخص أبنائهم أثناء المحن...
لذا نطالب سمو الامير بعدم الانصياع لأوامر عامة الناس في بعض المسائل الحساسة، وان يكتفي بالتشاور مع المجلس الروحاني الاعلى في مثل هذه الامور، لاتخاذ القرار السليم والابتعاد عن الجانب الاعلامي بشكل قطعي ويتركها للمتحدث الرسمي باسمه، وذلك لتجنب الاخطاء الغير مقصودة اثناء تصريحاته الاعلامية...
ولحين تشكيل هذا المجلس يجب على جميع ابناء المجتمع الأيزيدي بما فيهم المجلس الروحاني الأيزيدي وسمو الامير التحرك على وجه السرعة، وعلى أعلى المستويات للعمل من اجل انقاذ النازحين من التهلكة ومساعدتهم بكافة الطرق والوسائل الممكنة...
1.    على سمو الامير التشاور مع المجلس الروحاني الاعلى للتحرك بشكل أسرع لصوب أنظار العالم الخارجي وعلى اوسع ابوابه، والتواصل مع اكبر الشخصيات العالمية بدءا من رؤساء الحكومات والبرلمانات الاوروبية وكافة ممثلي الكنائس المسيحية، وعلى راسهم بابا الفاتيكان ليحث الحكومات الاوروبية القيام بواجبهم الانساني تجاه المجتمع الأيزيدي وعدم الانصياع الى الآراء الجانبية او الفردية او الشخصية التي لا تخدم مصلحة ابناء المجتمع الأيزيدي في هذه المرحلة الخطرة التي يمر بها الان.
2.    على سماحة بابا شيخ والمجلس الروحاني التحرك بشكل سريع في الداخل والضغط على الجهات المعنية لمساعدة النازحين وضمان كافة المستلزمات الضرورية وتوفير الحماية الفورية لهم.
3.    على كافة الجمعيات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني للأيزيدية، التحرك بأقصى سرعة لمساعدة النازحين واجراء احصاء شامل ودقيق لهم لمعرفة عددهم الاجمالي وتقديم الخدمات اللازمة لهم.
4.    على رؤساء العشائر والشخصيات الأيزيدية  في جميع انحاء العراق التحرك بشكل سريع لإيجاد طريقة مناسبة، لتوحيد الآراء في العديد من المجالات وكيفية الخروج من المحنة الحالية بأفضل الحلول.
5.    على الطبقة الأيزيدية المثقفة في كل مكان، التحرك نحو العالم الخارجي لإيصال صوت المجتمع الأيزيدي ومعاناتهم ومدى حجم الخطورة على مستقبلهم.
6.    على الجالية الأيزيدية في الخارج القيام بالتالي:
اولا: توحيد جهودهم والعمل معا من اجل تقديم ما هو مطلوب منهم تجاه هذه الكارثة.
ثانيا: القيام بالتظاهرات السلمية في جميع الدول الاوروبية تنديدا لما حصل لمدينة شنكال.
ثالثا: الابتعاد عن جميع اشكال العنف خلال التظاهرات والالتزام بالقوانين المنظمة لها في تلك البلدان.
رابعا: الحذر من عدم استغلالهم من قبل الاخرين لتنفيذ رغباتهم السياسية وتطبيق أجنداتهم الخاصة على حساب القضايا المصيرية المهمة لأبناء المجتمع الأيزيدي.
على أثر هذه الكارثة الدموية والفاجعة الانسانية الكبرى، ندعو كافة الجهات الرسمية بالإسراع في تقديم الخدمات اللازمة لكافة النازحين من اهالي شنكال، وتوفير الأمان لهم لحين تحرير مناطقهم من ايادي الإرهابيين...
هذا من جانب ومن جانب اخر لا اميل الى فكرة الهجرة الجماعية من موطنهم الاصلي كما يدق اسفينها البعض، وعلى الجميع ان يكونوا حذرين من الامر خشية ان تكبر المصيبة اكثر وتتضاعف حجم الكارثة ويقع المكون الأيزيدي في الاغلاط الماضية، وخير دليل على ذلك ما يعانون منه اشقاؤنا الأيزيديون في تركيا حينما تركوا قراهم واراضيهم وهاجروا الى الخارج وسكن الاخرين موطنهم قبل عقد من الزمن، وكما نشاهدهم اليوم يضاعفون جهودهم لاسترجاعها الا ان جميع المحاولات باءت بالفشل لغاية الان بالرغم من دفع المبالغ الطائلة التي صرفت لها...
واخيرا اتمنى ان نرى جميعا بان تستعيد هذه المدينة قواها من جديد وبأقرب وقت ممكن، وان تهتم بها حكومة الاقليم كما اهتمت بمدينة حلبجة اثناء تعرضها الى القصف الكيمياوي لأن الحالة مشابهة لتلك المدينة، وان تعتبر هذه الكارثة بالإبادة الجماعية لأنها فعلا ابادة جماعية...  
كما يجب على برلمان إقليم كوردستان الاهتمام بهذا الامر ويسن لها قانون وان تتحول المدينة الى محافظة مستقلة كباقي المحافظات في الإقليم، وتعيد هيكلية عمرانها وتشييد بنائها من جديد وان يعودوا اليها اهلها للعيش فيها باستقرار وأمان وسلام.

إدريس زوزاني
ألمانيا / 24.08.2014

الجمعة، 8 أغسطس 2014

"تداعيات سقوط مدينة شنكال"

اليوم تمر كوردستان وبالتحديد مدينة شنكال بأصعب الظروف السياسية ونتعرض الى اشرس الهجمات التكفيرية من قبل المجموعات الارهابية بعد ان هرب القادة العسكريين من مواقعهم مخلفين وراءهم كارثة سياسية وانسانية حقيقية لا مثيل لها في تاريخ كوردستان الحديث ولا تقل عن بقية المجازر التي حلت بهم في الماضي القريب، كما انها نكسة لم يشهدها الحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ اتفاقية جزائر المشؤومة ضد القيادة السياسية الكوردية بقيادة البارزاني الخالد واجه في تلك الاثناء الى مؤامرة دولية كبيرة من قبل عدة دول في المنطقة، لكن كما نشاهد اليوم محاولات بعض التنظيمات الكوردية التي تنفذ اجندات سياسية لبعض الاطراف الخارجية لضرب مصالح ومطامح الشعب الكوردي وقيادته السياسية التي تسعى الى استقرار الامن وضمان حقوق كافة مواطني الاقليم هذا من جهة، ومن جهة اخرى فإنها تحاول تظليل انتكاستها الداخلية المتواصلة من خلال مؤسساتها الاعلامية المغرضة ضد قيادة البارتي بشتى الوسائل، كما تحاول تحريض بعض من افراد المكون الأيزيدي في الخارج للقيام بنشر الدعاية لصالح أطراف معينة من خلال التظاهرات الجماهيرية والخروج عن المألوف في آرائهم، فبدلا من مطالبة المجتمع الدولي مساعدة المنكوبين في محنتهم وايصال صوت هؤلاء النازحين الى منظمات حقوق الانسان والاتحاد الاوروبي وحكومات الدول الغربية لمساعدتهم، يحاولون الترويج من خلال اعلام مسيء لقوات البيشمركه الابطال الذين يقاومون بكافة امكانياتهم لبسط السيطرة على تلك المناطق التي انسحبوا منها في ظروف غامضة وغير متوقعة على الاطلاق والاسراع بعودة جميع النازحين الى مناطقهم..
لم يكن هروب القادة العسكريين وقواتهم من شنكال بالأمر الطبيعي، بل يعتبر ذلك انتكاسة فعلية تؤثر نتائجها على مستقبل القوة العسكرية الكوردية برمتها وليس من السهل تمريرها من قبل القيادة السياسية مرور الكرام، بل سوف يحاسب التاريخ كل من له الضلع في هذه الجريمة النكراء ومن أمر افراد البيشمركه بالانسحاب من مواقعهم، وترك المواطنين العزل بين ايادي الارهاب الغادر ليقتل الاطفال والشيوخ وتسبى النساء وشرد الاهالي الى المصير المجهول ونهب الاموال وحرق البيوت من قبل تلك المجموعات الارهابية، لذا يجب ان تكون محاكمة هؤلاء المتخاذلين  محاكمة صارمة دون التساهل في امرهم من قبل الجهات المعنية بهذا الأمر لارتكابهم هذه الجريمة، كي يكونوا عبرة لمن تسول له نفسه القيام لمثل هذا العمل في المستقبل، لذلك فأن حماية الوطن والشعب امانة تاريخية تقع مسؤوليته على عاتق المؤسسة العسكرية بالدرجة الاولى وواجب قومي يتحمله الجميع وبعكسه يعتبر خيانة عظمى يحكم عليها القانون ...
لم يكن دور وسائل الاعلام الكوردستاني بشكل عام في الاقليم وخارجه بالمستوى المطلوب او بأسلوب منطقي حيال الاحداث الجارية وخاصة اثناء تغطية نقل الحدث تجاه المناطق الساخنة بل كان مليئا بالتظليل الاعلامي بعيدا عن الواقع الحقيقي، في الوقت الذي كان ولابد ان يكون لوسائل الاعلام دور افضل من هذا الذي نشاهده ويمارسه الان، كان يجب ان يتركز دوره الرئيسي على معنويات البيشمركه في جميع جبهات القتال ضد الارهاب ويعطيها حجمها الطبيعي وعدم الترويج لتنظيمات اخرى ليس لها سوى الاسم في تلك المناطق.
هناك مجموعات من الطابور الخامس تابعة لبعض التنظيمات السياسية الكوردستانية مهامها نشر الفوضى بين الناس وتعمل جاهدا للانتقاص من شجاعة وقوات البيشمركه الابطال الذين يقدمون ارواحهم فداء للشعب ولكوردستان أنهم في كل زمان ومكان معولين على تخاذل قلة من الذين تركوا مواقعهم في مدينة شنكال العزيزة، وذلك مما أدى الى كارثة كبيرة غير متوقعة، فأن هذا النوع من الحرب النفسية تستخدم داخل المدن الامنة  في الاقليم هدفها نشر الرعب بين المواطنين وضعف معنويات البيشمركه وكسر هيبتهم لأهداف سياسية بخسة لا يستفيد منها سوى اعداء الكورد...
يتطلب الوضع الحالي في المنطقة وما يعانيه اهلنا في شنكال الجريحة الى ان نوصل اصواتهم الى الرأي العام العالمي، ومنظمات حقوق الانسان، ومنظمة الامم المتحدة، والاتحاد  الاوروبي الى حماية الاقليات في المنطقة وتحمل مسؤولياتها الانسانية، الا ان ما نراه في طيات التظاهرات الجارية مؤخرا هو صراع من نوع اخر، الا وهو الصراع الحزبي خاصة بين التنظيمات السياسية والاحزاب الكوردستانية خارج الإقليم، كما أنهم يوجهون المتظاهرين من خلال شعاراتهم الى معاداة البيشمركه بشكل عام والقيادة السياسية وشخص الرئيس البارزاني بشكل خاص...
وهذا ما يجعل بعض من ابناء المناطق المستقطعة عن الاقليم تخرج عن اسلوب الحوار السليم دون التفكير في مستقبل المكون الأيزيدي بأكمله ...
اخيرا اتمنى من الجميع التحلي بالصبر وعدم النزول الى مستويات غير مرموقة في مثل هذه الاحداث المفجعة لأننا بحاجة الى التفاهم والوحدة ورص الصفوف ودعم قوات البيشمركه ونحثه بسرعة الوصول الى اهلنا المحاصرين في الجبال قبل ان تحل بهم كارثة انسانية كبيرة وتسهيل العودة السريعة لهم الى مساكنهم.
المجد والخلود لشهداء شنكال وجميع شهداء الحرية..
النصر لقوات البيشمركه وجميع افراد المقاومة في شنكال..
إدريس زوزاني
ألمانيا / 08.08.2014