الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

"دور الكادر الأيزيدي البارتي في الخارج"

انه الوقت الذي يفصل المرء بين مشاعره العاطفية وبين ما يحمله من المسؤوليات الاخلاقية تجاه وطنه وشعبه من خلال العمل السياسي الذي يمارسه من أجل بعض القضايا المصيرية والمهمة، لذا عليه التعامل بكل جدية وإخلاص مع ما يقوم به من العمل السياسي مع الجهة التي ينتمي اليها ويعمل لصالحها ضمن الأسس الفكرية والمبادئ الأساسية لتلك الجهات عن قناعة تامة بعيدا عن جميع التأثيرات الجانبية، أو تحت اية ضغوطات معينة أو حسب رغبات بعض القوى والأحزاب السياسية أو تحت تأثيرات بعض الأشخاص لأسباب واهية ليس لها أهمية سوى خدمة المصالح الشخصية أو الفئوية الضيقة...
يمر إقليم كوردستان اليوم بشكل عام والمناطق التي يسكنها المجتمع الأيزيدي بشكل خاص في ظروف أمنية حرجة هي الأخطر من نوعها، جراء الهجمات التي يشنها تنظيم دولة الخلافة الإسلامية (داس) الإرهابي مؤخرا على مدينة شنكال وضواحيها، لتحل بأهلها المسالم البريء كارثة إنسانية كبيرة، بالرغم من أنها كانت محمية بقوة عسكرية لكنها لم تتمكن من مقاومة الإرهابيين كثيرا ولأسباب غير معروفة، سوآءا كانت خارجة عن إرادة المسؤولين في المدينة أو أنها كانت تخاذلا من بعض القيادات العسكرية المتمركزة هناك، ويعتبر ذلك جبنا منهم كما أنه تقصيرا تجاه أداء عملهم ومهمتهم المكلفين بها...
لذا وقعت في هذه الأثناء بعض الأخطاء الفادحة التي جعلت الحزب الديمقراطي الكوردستاني أن يدفع ثمنها غاليا لأنه كان ولايزال يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في العديد من الجوانب وأهمها لكون غالبية أهالي شنكال من الموالين لهم، كما يمتلك قدر كبير من الكادر التنظيمي هناك، لذلك كان ولابد من أن يقوم هذا الكادر الحزبي بدوره ويستخدم كافة الوسائل لتخفيف حجم الكارثة والتعامل معها بالشكل المطلوب. هذا بالرغم من تواجد المواليين لبقية الأحزاب والتنظيمات الكوردستانية الأخرى الموجودة في المنطقة. كان من واجب الجميع التكاتف وتحمل المسؤولية مع بعضهم تجاه المصير المشترك في مواجهة المخاطر، إلا أن الحصة الأكبر من المسؤولية تقع على عاتق الحزب الديمقراطي الكوردستاني وهذا ما يتقبله قيادتها التي تحاول اليوم بشكل جدي وبكافة الوسائل والإمكانيات المتاحة لديها السيطرة على ما فقد من التوازن العسكري والنفوذ السياسي في المنطقة ومن ضمنها مدينة شكنال وبقية المناطق التي يسيطر عليها الان قوة الشر والتكفير والإرهاب...
لقد تسببت هجماتهم الإرهابية إلى مقتل وتشريد الكثير من الناس الأبرياء وسبي العديد من النساء والبنات، وتضرر البلاد والعباد من خلالها، كما ذهبت ضحيتها الصغار والكبار، لتتحول المدينة جراءها إلى معقل الأشباح ومصدر الإرهاب بانتظار الإفراج والخلاص من فك الوحوش المفترسة، وتطالب النجاة من ظلم هؤلاء المرتزقة وإنقاذ ما تبقى من الأبرياء في الجبال، وحماية جميع الأماكن المقدسة هناك، كما ضحى الكثيرون من الرجال الشجعان بأرواحهم الزكية فداء في سبيل عودة المدينة الى سابق عهدها وتحريرها من دنس الطغاة وتنظيفها من قذارة هذا التنظيم الإرهابي النتن، ولا زالت التضحيات متواصلة والمحاولات مستمرة من أجل تطهير المدينة، وجميع المناطق التي تقع تحت سيطرتهم ...
وبالرغم من الدور المشرف للجالية الكوردية بشكل عام والأيزيديين بشكل خاص في الخارج حول مساندة أهالي مدينة شنكال والتضامن مع آلامهم ومآسيهم، سواء كانت عن طريق التظاهرات السلمية  العارمة وعن طريق مطالبة الدول والحكومات الأوربية لمساعدتهم في محنتهم....
إضافة إلى الضغط المتواصل على منظمات المجتمع المدني للقيام بدورهم الإنساني تجاه النازحين، لكن مع الأسف الشديد نرى في الوقت نفسه ظهور طابور خامس نشأ في الخارج مع بداية الأحداث الجارية في كوردستان وعلى شكل خلايا سرطانية منظمة تقوم بنشر سمومها الإعلامية في العديد من البلدان الأوروبية، أغلب هؤلاء هم من الذين كانوا يعملون لصالح الأحزاب والتنظيمات المعادية للحركة التحررية الكوردية في الماضي ويستمجدون بسياساتهم الدكتاتورية في الحاضر على أمل عودة حكمهم الفاشي ثانية، لذا يحرضون فئة معينة من العامة للقيام بكتابات معادية ضد الدين والقومية في الاقليم، مع العلم بأن أغلب هؤلاء هم ليسوا من أهالي مدينة شنكال ولديهم نيات مبيتة تجاه القضية الكوردية ومواقفهم واضحة من هذا الاتجاه...  
والغريب هنا عندما نشاهد الدور المتدني للكثير من كوادر الأيزيديين المحسوبين على الحزب الديمقراطي الكوردستاني في الخارج وخروج العديد منهم عن صمتهم وتوجه أصابع الاتهام إلى القيادات الحزبية بما حدث لمدينة شنكال دون التأكد من مراجعهم الحزبية عن أسباب وتداعيات تلك الحادثة الأليمة، وذلك تلبية لمطالب الأخرين واستسلاما لإرادة بعض المنافقين من أصحاب السوابق أبان حكم النظام الدكتاتوري في البلاد....
وتوارى البعض الأخر أنفسهم من جميع النشاطات والتظاهرات الجماهيرية وحتى السياسية باستثناء القليل منهم، كما تواروا عن أنظار وسائل الإعلام بكافة أنواعها تحاشيا من المواجهة مع بعض المتطفلين الذين احتلوا بدورهم المواقع الاجتماعية وصفحات الأنترنت لغرض إساءة الأخرين، ولا يزال الكثيرون منهم لا يتجرؤون استخدام مواقعهم الشخصية تفاديا لعدم مواجهتهم...
كما أنضم القسم الأخر منهم إلى الطابور الخامس وبدأوا يتحدثون عن مجريات الأحداث حسب مزاجهم الخاص ويكتبون عن الواقع بالطريقة التي تتناسب مع مصالحهم الشخصية وإرضاء من كلفهم بالأمر وجعلهم ينقلبون عن المبادئ التي كانوا يؤمنون بها قبل الأحداث. علما إن اغلب هؤلاء المنقلبين كانوا يقفون في الصفوف الأمامية للحزب أثناء المحافل الرسيمة وكانوا حجر عثرة أمام الكثيرين من الكوادر ومؤيدي الحزب في الكثير من الأحيان لسبب أو لأخر، كما أن أغلبهم كانوا ولا يزالون يستلمون أكثر من راتب رسمي سوآءا هم ومن حولهم من خلال الحزب في الإقليم، لكن يبدوا أن الأحداث الأخيرة جعلتهم يشعرون أن ما كانوا يتقاضون من الرواتب كانت على حساب اولائك الذين أصبحوا ضحية أخطائهم اليوم، لذا قرروا الوقوف في صفوف تلك الطوابير المشؤومة التي تسعى الى اختلاط الأمور ببعضها من خلال التحريض إلى الفتنة القومية والدينية البغيضة...
هنا نحث الجميع على أن يكونوا حذرين من مثل هذه المحاولات اليائسة التي قد تؤدي إلى حدوث شرخ بين المكونات المتعايشة في المنطقة وعدم الانجرار وراء أية دعوات مشبوهة قد تقوي للتحريض على العنف وتلحق الأضرار بمصالح المجتمع بأكمله.
ونختم موضوعنا هذا بالمقولة الشهيرة " إذا كان رب البيت بالدف ناقر فشيمة أهل البيت الرقص"

إدريس زوزاني
ألمانيا 29/10/2014

ليست هناك تعليقات: