الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الأحد، 23 نوفمبر 2008

"الأكراد...والمؤامرة العنصرية ضدهم"

الغريب في الأمر من خلال التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء نوري كامل المالكي بأنه يعمل جاهدا ليل نهار من اجل إعادة عجلة الزمن إلى الوراء وعودة الدكتاتورية المشؤومة معها كما يحاول وبقوة من خلال إعادة تشكيل أفواج وسرايا الجحوش ومجالس الإسناد، لإفشال ما بناه أبناء شعب كوردستان في كافة جوانب الحياة الثقافية منها والاجتماعية والسياسية وإنشاء مؤسسة إدارية شبه مستقلة والاهتمام الكامل بالمجال العلمي طوال ما يقارب العقدين من الزمن ومحاولة السيطرة على قدراتهم وهدم أحلامهم والقضاء على أمالهم وحرمانهم من حقوقهم المشروعة من خلال أفكاره الطائفية والعنصرية في العراق الجديد...

أن مثل هذه التصريحات والأفكار المريضة إن كتب لها النجاح وفي هذه المرحلة لا قدر الله ليست لها سوى معنى وهي عودة الشعب الكردي إلى المربع الأول أي فترة الهلاك الشامل أبان النظام المقبور والمقابر الجماعية والأنفال السيئة الصيت والضرب بالأسلحة الكيماوية...
أن الظرف الحالي يحتم علينا ليس فقط الحذر من اجل عدم خلق وإثارة البلبلة بين أطياف المجتمع وإنما الكف والابتعاد عن مثل هذه التصريحات الغير عقلانية لأن وراء هكذا أفكار ومخططات لا يستبعد القضاء على التجربة الديمقراطية في البلد كما سيفتح مجال واسع أمام اللذين يقرعون إلى عودة الدكتاتورية وإخلال بالأمن القومي في البلد...
إن التجربة التي نعيشها اليوم هي تجربة مصيرية بالنسبة إلى الشعب العراقي فيجب على الجميع الابتعاد عن المصالح الآنية الضيقة والتفكير بالجدية بمستقبل البلد من اجل بناء دولة قوية حرة ديمقراطية موحدة يحكمه القانون والالتزام بالدستور الذي صوت عليه أكثرية أبناء الشعب العراقي والتخلي عن الأفكار العنصرية والأحقاد الطائفية الضيقة...
بالتأكيد بقاء الشعب الكوردي وبقية المكونات العرقية والدينية مع الشعب العربي في العراق الجديد في مركب واحد مصيره مرهون بالتعاون الجاد والتنسيق والعمل المشترك من اجل أن يبقى البلد موحد والحكومة قوية وقادرة على اتخاذ قرارات صحيحة، فوجود خطاب سياسي عراقي موحد بعيد عن المؤامرة والحقد الطائفي واحترام المكونات الصغيرة هي أساس العيش المشترك ويجعل المركب يسير في الاتجاه الصحيح وبالأمان، أما أن يفكر قادة بعض الأحزاب والتنظيمات الإسلامية والطائفية التي تستلم أوامرها من جهات خارجية في خلق الفوضى وإثارة البلبلة عن طريق مجالس الإسناد أو مليشيات طائفية وتمويلها من أموال الدولة وعلى حساب الشعب واستخدامها كورقة ضغط على بقية المكونات المشاركة في العملية السياسية ولأغراض شخصية كدعاية انتخابية، هذا أمر خطير يجعل العراق مشتتا منقسما...
لاشك في أن ما صرح به المالكي في الآونة الأخيرة هو ليس خطاب المجلس الشيعي بأكمله وإنما هو الحقد الطائفي الجديد القديم لحزب الدعوة الإسلامي من كلا الشقين لأنه عندما كان الجعفري رئيسا للوزراء شهدت العلاقة الكوردية الشيعية شرخا كبيرا وواضحا شكل أزمة كبيرة بينه وبين القائمة الكوردستانية وهذا ما دفع الأخير إلى اتخاذ الموقف من تصرفاته ومحاولة تنحيه بعدما انتخب من قبل الإتلاف الشيعي الموحد ليصبح رئيسا للوزراء لفترة ثانية، هذا كانت بسبب انفراده في اتخاذ القرارات السياسية في الدولة و تهميش الدور الكوردي في الحكومة وتجاهله بقية المكونات السياسية في البلد،بالإضافة إلى قضية كركوك المعقدة والتي أهملها وتجاهلها الجعفري وهي بالنسبة إلى الجانب الكوردي من أهم القضايا أهمية...
فوجود مثل هذه الأفكار والأطماع الرخيصة والمؤامرات التخريبية لا تخدم مصلحة البلد وتجعل الأمور أكثر تعقيدا ونهاية كل مؤامرة هي الفشل والانهيار،وعلى هؤلاء السياسيين المتآمرين الابتعاد عن هذه التصريحات الانفرادية والتفكير بمصلحة البلد ليعيش الشعب العراقي بحرية والرفاهية.

إدريس زوزاني
ألمانيا 23.11.2008

ليست هناك تعليقات: