الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الثلاثاء، 4 نوفمبر 2008

"تأثير القرارات السياسية على الأقليات في العراق"

أثناء فترات حكم كافة الأنظمة الدكتاتورية وفي جميع المراحل التي مرت بها البلد تعرض ولا يزال تتعرض الأقليات والمكونات الصغيرة في العراق إلى الظلم والاستبداد وانتهاك الحريات واجهاض الحقوق، كما تعاملت تلك الانظمة مع هذه الفئات الصغيرة من المجتمع بالقساوة وفرضت عليهم سياسة أمر الواقع بحكم قراراتها الجائرة مستغلة الظروف المعيشية القاسية التي تمر بها تلك الاقليات لتصبح جرائها فريسة سهلة للمنظمات الإرهابية والمجموعات المتطرفة خاصة بعد فترة انهيار الدكتاتورية وتسلم الأحزاب الإسلامية زمام السلطة في الدولة ليبدأ معها بممارسة الاستبداد والظلم والخطف والقتل الجماعي تجاه هذه المكونات من المجتمع وهذا ما يدفعهم إلى الهروب من الواقع السيئ الذي يجبرهم إلى الهجرة الجماعية من مناطقهم وارض ابائهم وأجدادهم...
يعلم الجميع حدة التوتر السياسي في الآونة الأخيرة وازدياد شدة الضغوطات من قبل والمجاميع الإرهابية على الأقليات العرقية والدينية وخاصة في مدينة الموصل حيث قتل الأيزيديين وطرد المسيحيين وتهجيرهم وتهديد الشبك بالانتقام او ترك مناطقهم، كل ذلك ظهرت مع بدء السجال السياسي وبروز المسالة الطائفية والخلافات المذهبية بين الفصائل المختلفة في البلد وأثرت هذه التوازنات سلبا على مستقبل الاقليات وجعلهم يدفعون ثمن خلافات العقلية المريضة وحساب الصراعات الفئوية الرخيصة...
*- الغاء المادة 50 من قانون مجالس المحافظات.
بالتأكيد إلغاء المواد القانونية من الدستور العراقي لا يخدم مصلحة الشعب الذي يتكون من مكونات وأقليات وأطياف مختلفة بل من المفروض الحفاظ على حقوقهم ومراعاة شعورهم وليس تهميشهم وإقصائهم...
كنا نأمل في نجاح الديمقراطية وهي تعم العراق الجديد خيرا، شريطة ان تصان حقوق كافة أفراد المجتمع، لكن تهميش الأقليات العرقية والدينية من خلال حذف المادة المذكورة من قانون مجالس المحافظات يعتبر احد المؤشرات الخطيرة وهي خرق واضح لمبادئ الديمقراطية التي اقرها الدستور الجديد في العراق وانتهاك صارم لحقوق الإنسان، لأن الديمقراطية الحقيقية تعني حماية حقوق الأقلية التي تشعر بالغبن والاضطهاد وليس تلك التي تضمن حقوق الأغلبية في الدولة...
وحذف هذه المادة القانونية لمجالس المحافظات لا تعنى فقط حرمان الأقليات من حقوقها، بل يتسبب في عمق الخلافات بين ابناء المجتمع ومع الغائها تكشف حقيقة المعدن الطائفي لقادة الأحزاب الإسلامية المتطرفة والمهيمنة على الحياة السياسية في البلد.
*- الأهداف من وراء إلغاء تلك المادة هي:
1.     محاولة تفكيك المجتمعات عن بعضها وتشتيتها في البلد.
2.     محاولة إضعاف موقف كافة المكونات الأصيلة للمطالبة بتمثيلهم الحقيقي في الانتخابات القادمة لمجالس المحافظات.
3.     إبعادهم عن العملية السياسية وحرمانهم من حقوقهم المشروعة.
4.     تكوين مشاريع حيوية ومصالح خاصة في بعض المناطق على حساب هذه المكونات العريقة.
5.     تجاهل النسبة السكانية لهذه المكونات في مناطقهم.
بالتالي يجب على الأقليات العرقية والدينية في هذه المرحلة أن تتكاتف وأن ترفض أية خطوة سياسية تأتي على حساب وجودهم وانتمائهم وأن يتحدوا مع بعضهم البعض كي يحصلوا على حقوقهم الكاملة والمشروعة وأن يحاولوا بإصدار قرارا يتناسب مع احترامهم ومكانتهم كبقية أفراد المجتمع.
إدريس زوزاني
ألمانيا/ 04/11/2008

ليست هناك تعليقات: