الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

السبت، 8 فبراير 2014

"ضرورة إنشاء مؤسسة أيزيدية للثقافة"


لاشك بان الثقافة من ابرز الجسور للتواصل بين الشعوب واحد أهم الأساليب التي تتعارف من خلالها المجتمعات ببعضها البعض وعلى اثر ذلك تتطور العلاقات الإنسانية وتقوى الروابط الاجتماعية في ما بينهم، واغلب الأحيان يساعد الجانب الثقافي المجتمعات على الالتزام بقيمهم الاجتماعية والمحافظة على عاداتهم وتقاليدهم المتوارثة، لهذا أن غالبية الشعوب المتحضرة تولي الكثير من الاهتمام بتراث بلدانها والمحافظة عليه من التلف الضياع والتمتع بخصوصية ثقافة أوطانها إلى ابعد الحدود...
وبما إننا بصدد الحديث عن المجتمع الأيزيدي الذي لا تتجزأ ثقافته عن ثقافة الشعب الكوردي المليء بالمعاني والمفردات الحضارية، وحيث أن لجميع شعوب العالم خصوصية اجتماعية وتتمتع مجتمعاتها الصغيرة بنوع خاص من الثقافة الداخلية وفي كافة نواحي الحياة، لهذا نرى من الضروري أن تحتفظ هذه الشريحة بخصوصيتها الاجتماعية من خلال إنشاء مؤسسة ثقافية ضمن مؤسسات حكومة إقليم كوردستان من اجل الحفاظ على تراثها الثقافي الأصيل...
وهذا الأمر يتطلب المزيد من الجرأة والشجاعة لدى الشخصيات الثقافية والمراكز الاجتماعية الأيزيدية وكافة المهتمين بهذا الشأن في داخل البلد وخارجه لتوحيد الكلمة ومضاعفة الجهود والعمل معا في سبيل إنجاح فكرة كهذه، وتبدأ الخطوة الأولى في هذا الاتجاه بالابتعاد عن المصالح الشخصية والإسراع إلى آليات مناسبة لتشكيلها من خلال لجان خاصة من كلا الجنسين والبدء في البحث عن جذور ثقافتهم الاجتماعية والدينية ولملمة كل ما يتمكن جمعه من التراث القديم والحفاظ عليه من التلف والفقدان أولا ثم الافتخار به بين بقية الشعوب أثناء الاحتفاء بالمناسبات الاجتماعية...
كما عليهم التحرك نحو تثقيف المجتمع الأيزيدي من خلال دورات تربوية أسرية وإلقاء محاضرات علمية للتوعية الاجتماعية في المناطق التي تعاني من ظاهرة التخلف الاجتماعي لغرض التخلص من اثر الماضي المرير وكسر حاجز الخوف والرعب الذي لاحقهم على مر السنين من خلال عمق وأصالة ثقافتهم ومدى تأثيرها ومقارنتها مع ثقافة الآخرين بالأدلة المستندة، وكيفية الدفاع بها عن مبادئه الإنسانية عبر المفاهيم الثقافية المطلوبة والمدروسة...
لذا يجب مشاركة جميع المثقفين الأيزيديين ومن كافة المناطق دون استثناء في هذه المؤسسة الثقافية شريطة أن يكون الانتماء فيها حسب الكفاءات العلمية والثقافية المميزة وان يمتلك الشخص القدرات والإمكانيات الذاتية المطلوبة تمهيدا لتقديم أفضل الخدمات الإنسانية لهذا المجتمع...
إن من يريد العمل في هذه المؤسسة عليه بعدم السماح لنفسه إدخال اتجاهه السياسي في محتوى وآليات عملها والتركيز أكثر على الجانب المهني والتمسك اثنائها بالحيادية مع احترام الآراء والانتماء الحزبي لكل عضو شرط أن يلتزم بالمبادئ والقوانين السياسية الصحيحة التي تؤكد بعدم التدخل في الخصوصيات الاجتماعية وتحرضها والتأكد على تكريس الحريات العامة والخاصة من اجل استبداد الأمن والهدوء داخل المجتمعات...
وهنا يجب علينا الإشارة إلا أن المجتمع الأيزيدي غني بتراثه الثقافي ويمتلك كم هائل من القصص والروايات الاجتماعية، كما يمتلك العديد من الملاحم والبطولات التاريخية، ولديه رجال أشداء وأبطال شجعان يفتخر به كبقية شعوب العالم، لذا تقع على عاتق النخبة المثقفة من أبناء هذا المجتمع المسؤولية الكاملة للبحث عن كافة الوثائق التاريخية وخاصة تلك التي تتعلق بماضيهم والاحتفاظ به بأحدث الأجهزة المتطورة من خلال هذه المؤسسة...
كما يجب التدقيق من خلال هذه المؤسسة على جميع الكتب والإصدارات التي تتعلق بثقافة هذا المجتمع عن طريق لجان مختصة ومزودة بعدد كافي من الخبراء والمهتمين لوضع النقاط على الحروف عند وأثناء التطاول بثوابت هذا المجتمع ومنع الاستخفاف بمصيره من قبل البعض عندما يتحدثون عن ثقافتهم دون البراهين أو الاستناد إلى الأدلة الموثقة والمثبتة تاريخيا...
تجهيز هذه المؤسسة بمتحف خاص تمثل التراث الأيزيدي الأصيل بالإضافة إلى إصدار جريدة رسمية ومجلات ومطبوعات ثقافية شاملة مستندة على المعلومات الموثقة تمثل هذه الشريحة ويشرف عليها خبراء مختصين من أبناء هذا المجتمع شريطة أن تكون جميع المنشورات والإصدارات معنية ومركزة بقضاياهم حصرا من اجل إيصال الفكرة المحددة إلى جميع المهتمين والمتابعين بالشأن الأيزيدي...
وأخيرا أتمنى أن يتوحد كلمة جميع المثقفين الأيزيديين من اجل أن يرى هذا المقترح النور عن قريب ومن خلاله يتمتع مجتمعنا الأيزيدي أيضا بحقوقه الثقافية المشروعة ويمارس طقوسه ومراسيمه الاجتماعية بحرية حاله حال بقية شرائح المجتمع الكوردي في إقليم كوردستان من اجل تسهيل الأمور على أجياله القادمة.
إدريس زوزاني
دهوك/ 08/02/2014

ليست هناك تعليقات: