الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الأربعاء، 25 فبراير 2015

"الحرب الاقتصادية ضد شعب كوردستان"

 ظهرت في العراق مؤخرا مشكلة الميزانية وقطع رواتب الموظفين بين حكومة الإقليم والمركز، بعد ان امتنعت الأخيرة عن إرسال رواتب موظفي إقليم كوردستان، معزية بذلك الى النقص الحاد في السيولة لديها. هذا ما جعلها لعدم التمكن في تسديد المبالغ المالية المطلوبة من خزينتها، وذلك بسبب العجز المالي الكبير التي يواجهها في الفترة الاخيرة بعد إجراء الانتخابات النيابية العامة في الدولة، إضافة الى المشاكل الداخلية التي نجمت بين العديد من الأطراف السياسية المتنافرة ومن ضمنها الطرف الكوردي...  
هنا السؤال الذي يطرح نفسه، يا ترى هل فعلا ما يقال في أروقة مجلس الوزراء صحيح؟ بأن هنالك عجز في الميزانية؟ ولا يوجد في خزينة الدولة العراقية الغنية بالنفط والموارد الطبيعية المبالغ المالية الكافية لتدفع منها رواتب موظفي محافظات الإقليم حسب ما يدعون به المسؤولين في الحكومة المركزية؟ وهل يا ترى أن قطع رواتب هؤلاء المساكين وحرمانهم من مستحقاتهم المالية طوال ما يقارب عام كامل هي الطريقة المناسبة لحل المشاكل السياسية العالقة بين الحكومتين في الوقت الراهن؟ وما مدى صحة الحجج الواهية التي تبررها حكومة المركز من أجل الضغط على حكومة كوردستان للمساومة على الشروط المطلوبة معها...
كما أن الغموض في موقف الحكومة المركزية حول قطع رواتب هؤلاء الموظفين محل شك وتفسير غير منطقي، لأنها ليست الطريقة الانسب لمعالجة الموضوع بشكل جذري، ولابد أن يوجد للموضوع حلول أخرى وانفراج كلي للاعتماد به على الوسائل القانونية في مثل هذه الحالات، وذلك لعدم تكرارها في المستقبل إن بقي الإقليم جزئا من الدولة العراقية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، والشيء الغريب في هذا الأمر هو ان في الوقت الذي قطعت رواتب موظفي الإقليم كانت هناك عدة محافظات عراقية كبيرة  وقعت تحت سيطرة مسلحي تنظيمات الدولة الإسلامية الإرهابي، ولا تزال رواتب موظفيها تدفع من خزينة الدولة بشكل اعتيادي ومستمر دون تأخير...
إن تماطل الحكومة المركزية في دفع المستحقات المالية المطلوبة لموظفي الإقليم، وربط عدم إرسالها بالمشاكل السياسية بين الطرفين أو بالعقود النفطية المبرمة مع الشركات العالمية أو بكيفية تصدير نفط الإقليم والتصرف بوارداتها ضمن الاتفاقيات بين الجانبين، يعتبر من الخطوات الفاشلة التي تؤدي بذلك البلد الى حافة الهاوية، لا بل يدخله في مشاكل كبيرة  تكون عواقبها وخيمة على حكومة المركز، وقد تؤدي هذه الحالة بالبلد نحو التقسيم او تواجه مصير أصعب. هذا لأنه ليس من المعقول والمنطقي ان تقطع رواتب قسم من موظفي الدولة ويتمتع القسم الآخر به دون اشكاليات تذكر، لان ذلك يعتبر عبثا بالقوت اليومي لفئة من الناس في البلد...
كذلك هو الحال بالنسبة الى القوات الامنية التي تقوم بحماية المواطنين وأيضا مع قوات البيشمركة التي تدافع عن أراضي الإقليم وتقاتل الإرهاب في هذه الظروف القاسية، لتستغل الحكومة المركزية فرصة انشغالهم بهذه الحرب الضروس ضد المجاميع الإرهابية المسلحة التي تحاول زعزعة الأمن والاستقرار الذي يشهده الإقليم، لتقوم بقطع رواتبهم وعدم إرسال المساعدات العسكرية المطلوبة لهم في الوقت الذي كانت عليها تقديم الدعم وتسهل الامور وتساعد بكافة الامكانيات لمحاربة الإرهاب لكنها بدلا من رفع معنوياتهم قامت بعرقلة مصادر معيشتهم...
هذا أيضا يعتبر من أساليب الحرب النفسية الدنيئة التي تمارسها الحكومة المركزية اليوم من خلال الجانب الاقتصادي ضد حكومة الإقليم وشعبه بكافة مكوناته الاجتماعية، خاصة وهم يمرون بهذه الظروف القاسية...
وكلنا أمل ان لا تنعكس هذه الظاهرة سلبا على هرم أصحاب القرار في الحكومة المركزية، وأن لا تجعلها تخطو خطوات اخرى خاطئة وتندم على فعلتها بعد ذلك، وأن تعالج الأمور بالتي هي الأحسن مع حكومة الإقليم، وأن تحل معها جميع المشاكل العالقة، وأن تعود الى رشدها في إتخاذ القرارات السليمة، كي يعيش جميع أبناء المجتمع العراقي سواسية في العيش الكريم.

إدريس زوزاني
دهوك/ 25.02.2015

ليست هناك تعليقات: